للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مطاردة المنهزمين من هوازن.]

وبعد أن تمَّ ذلك النصر الساحق للمسلمين على المشركين من هوازن في حنين أمر الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - قادة جيشه بمطاردة المشركين وتعقبهم في كل اتجاه يتجهونه، لئلا يتمكنوا (مجددًا) من جمع قواتهم المهزومة وتنظيمها.

فتحركت كل وحدات الجيش الإسلامي (بقيادة الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم -) تطارد هوازن، واستمرت وحدات الجيش النبوي في المطاردة حتى وصلت بقيادة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مطاردتها الطائف حيث تحصنت ثقيف، أحد الأجنحة الهامة في هوازن. فضرب الرسول القائد الحصار على هذا الجناح من هوازن كما سيأتي تفصيله في هذا البحث إن شاء الله.

[مصرع الفارس المعمر دريد بن الصمة]

وأثناء مطاردة الجيش الإسلامي لمشركي هوازن، قتل أحد جنود الإِسلام شيخ هوازن المعمر وفارسها وشاعرها (دريد بن الصمة) (١) وكان له من العمر مائة وستون سنة.


(١) هو دريد بن الصمة، من جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، ويكنى أَبا قرة، وهوازن أخو سليم بن منصور، وكان دريد من فخذ من جشم يقال لهم غزية، وأمه ريحانة بنت معدى كرب، أخت عمرو بن معدى كرب الزبيدي. فعمرو على هذا خاله. هكذا جاء في ترجمة دريد في كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة ج ٢ ص ٥٣٦. ودريد أحد الشجعان المشهورين، وذوى الرأي في الجاهلية. ومن جيد شعر دريد المشهور، قوله:
أمرتهموا أمرى بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
فلما عصونى كنت منهم وقد أرى ... غوايتهم وإننى غير مهتد
وهل أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت، وإن ترشد غزية أرشد
تنادوا فقالوا: أرت الخيل فارسًا ... فقلت: أعبد الله ذلكم الردى
فجئت إليه والرماح تنوشه ... كوقع الصياصى في النسيج الممدد
فطاعنت عنه الخيل حتى تبددت ... وحتى علانى حالك اللون أسود
قتال امرئ آسى أخاه بنفسه ... ويعلم أن المرء غير مخلد
فإن يك عبد الله خلى مكانه ... فما كان وقافا ولا رعش اليد
كميش الإزار خارج نصف ساقه ... صبور على الجلى وطلاع أنجد
قليل تشكيه المصاثب حافظ ... من اليوم أعقاب الأحاديث في غد
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه ... فلما علاه قال للباطل أبعد
وطيب نفسي أنني لم أقل له ... كذبت ولم أبخل بما ملكت يدي

<<  <  ج: ص:  >  >>