للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودريد بن الصمة هذا، هو الذي عارض الملك القائد لهوازن (مالك بن عوف النصرى) عارضه عندما ساق مع الجيش نساءهم وأطفالهم ومواشيهم وكل أموالهم إلى وادي حنين. ولكن مالكًا عصاه فوقع كل أموال ومواشى وذرارى هوازن غنيمة في أيدى الجيش الإِسلامي وهو ما حذر دريد مالكًا من أن تقع هوازن فيه.

قال المؤرخون: وكان دريد بن الصمَّة الذي أقعده الكبر (ولكنه حضر حنين) يحمل في هودج على جمل لأنه لا يستطيع الحركة للقتال لكبر سنه. وعندما شتتت الهزيمة هوازن لم يعد هناك من يعتنى بالشيخ المعمر (دريد بن الصمة) فترك لوحده يسير به الجمل (وعليه الهودج) على غير هدى، فأدركه شاب يقال له ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن يربوع من بني سليم، فأخذ بخطام جمله وهو يظنه امرأة. وذلك أنه كان في هودج، فأناخ الشاب به فإذا هو شيخ كبير ابن ستين ومائة سنة، وكان الشاب ربيعة لا يعرف أنه (دريد بن الصمة المشهور). فقال الفتى السلمي: ما أريد إلى غيره مِمن هو على مثل دينه؟ . قال له دريد: من أنت؟ .

قال الغلام: أنا ربيعة بن رفيع السلمي. ثم ضربه بالسيف فلم يؤثر فيه سيف الفتى السلمي. فقال دريد: بئس ما سلحتك أمك، خذ سيفى من وراء الشجار (أي الهودج) فاضرب به، وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ، فإني كنت كذلك أضرب الرجال، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة، فرب يوم قد منعت فيه نساءك. ويقال: إن ربيعة لما ضرب دريدًا تكشف للموت عجانه وبطون فخذيه مثل القراطيس من ركوب الخيل. فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله دريدًا، فقالت: والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثًا في غداة واحدة. وجز ناصية أبيك (١) (أي أطلق سراحه بعد أن


= وكان عبد الله بن الصمة أخو دريد أغار على إبل لعبس وفزارة، ومعه دريد، بعد أن شار عليه دريد ألا يفعل فخالفه، فخرجت عليهم الخيل فاستحر القتال في بني جشم، وقتل عبد الله بن الصمة، وصرع دريد. ثم تولى دريد زعامة قبيلته بعد أخيه عبد الله. فأغار على عبس وذبيان فقتل منهم مائة قتيل بينهم قاتل أخيه عبد الله وأسمه (ذؤاب بن أسماء بن زيد). قتل دريد عن مائة وستين عامًا.
(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩١٤ و ٩١٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٣٦ وسيرة ابن هشام ج ٤ ص ٩٥ و ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>