للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد كانت تصرفات ملوك العرب المتنصرة المرتبطين بالتاج البيزنطى في جنوب وأواسط الشام وتصرفات أركان الإمبراطورية من الرومان- تشم منها رائحة العزم على القيام بغزو كاسح لاحتلال المدينة والجزيرة كلها. وجعلها إقليما جديدا تابعا للقسطنطنية. لا سيما وأن الجيش الروماني كان (إذ ذاك) يعيش نشوة انتصاره الساحق على جيوش الإمبراطورية الفارسية التي استعاد منها "بقيادة الإمبراطور هرقل" كل ما كان الفرس قد اغتصبوه من ممتلكات إمبراطورية بيزنط.

[القرار الخطير]

لذلك "والله أعلم" رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا بد من تجريد حملة عسكرية كبيرة تطأ أرض الشام غازية لتأديب أولئك الغادرين من العرب المتنصرة الدائرين ضمن فلك "الكومنولث البيزنطى" وليثبت المسلمون "عمليا" للسادة الرومان أنفسهم أن جزيرة العرب أمنع وأحصن من أن يفكر هؤلاء الرومان أو أعوانهم من الغساسنة في اجتياز حدودها.

ولتحقيق هذا الغرض استنفر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة آلاف من خيرة أصحابه للحرب. ولم يبين الغرض من هذا الحشد والاستنفار حتى خرج الجيش من المدينة وعسكر بالجرف (١) على بعد عدة أميال من المدينة. وهناك أخبر الجيش وقادته بأن عليهم أن يجتازوا حدود الجزيرة ويطأوا أرض الشام ويقاتلوا فيها أعداء الإِسلام الذين غدروا بأصحابه (٢).

[تعيين قادة الجيش]

وفي منطقة الجرف حيث عسكر الجيش، أصدر النبي والقائد الأعلى للجيش مرسومًا شفويًا، عين بموجبه قادة ثلاثة للجيش يتولون القيادة


(١) الجرف (بالضم ثم السكون) قال في مراصد الاطلاع: موضع على ثلاثة أميال من المدينة، نحو الشام. بها كانت أموال لعمر بن الخطاب ولأهل المدينة. والجرف أيضًا موضع بالحيرة في العراق. والجرف أيضًا موضع قرب مكة. كانت به وقعة بين هذيل وسليم. والجرف أيضًا موضع ناحية اليمامة. والجرف أيضًا موضع باليمن (مراصد الاطلاع ج ١ ص ٣٢٦).
(٢) انظر تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣٦ ومغازي الواقدي ص ٧٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>