تسلسل الأحداث العسكرية -بعد معركة حنين- على أن القوة الرئيسية ذات الخطر والتي قاتلت المسلمين في حنين تحت قيادة مالك بن عوف، هي من ثقيف، بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد انتصاره في حنين لم يبق من قبائل هوازن التي اشتركت في هذه المعركة ضده، من يهتم بأمره سوى ثقيف الذين وجه كل قواته لمطاردتهم، وقاد هذه المطاردة بنفسه، حتى وصل إلى الطائف فوجد ثقيفًا قد تحصنت في قلاعه فضرب عليها الحصار سبعة عشر يومًا، ولكن لشدة امتناعهم بحصونهم في الطائف تركهم - صلى الله عليه وسلم - دون أن ينال منهم شيئًا، حتى هداهم الله للإسلام، فجاءوا إلى المدينة وأعلنوا إسلامهم طائعين.
[مصير قبائل هوازن]
وهذا يعني أن قوة جميع القبائل الهوازنية (ما عدا ثقيف) قد تلاشت، لا سيما بعد أن أسلم ملكهم وسيدهم الشاب القائد مالك بن عوف النصرى، وتحول إلى قائد يحارب إلى جانب الإِسلام.
وقبل التحدث عن نتائج مطاردة النبي لثقيف من حنين وضربه الحصار عليهم في قلاعهم، لا بد من إعطاء القاري الكريم لمحة عن تاريخ قبائل ثقيف، وعن مدى مركزها في التاريخ الجاهلى والإِسلام.
[تاريخ ثقيف]
فالذي يذكره المؤرخون وأصحاب الأنساب، أن ثقيفًا بطن من هوازن. وهوازن هو ابن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عبدنان.
وهوازن الذي تنتسب إليه ثقيف قد تفرّعت عنه فخائذ كثيرة، تجمعهم قبائل رئيسية ثلاث كلها لبكر بن هوازن وهم.
أولًا .. بنو سعد بن بكر.
ثانيًا .. بنو معاوية بن بكر، الذين منهم مالك بن عوف النصرى.
ثالثًا .. بنو منبّه بن بكر. وإلى هذا الأخير تنتسب ثقيف.
وثقيف اسمه قَسى (بفتح القاف كسر السين) ابن منبّه بن بكر بن هوازن، وقد تفرع عن قسى هذا عدة قبائل، اشتهروا فيما بعد باسم أبيهم