للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثورة أبي جهل]

ولكن أَبا جهل لم يكد يعلم بدعوة عتبة بن ربيعة السلمية حتى استشاط غضبًا، ثم اتهم عتبة بالجبن، والخوف على ابنه من القتل.

فقال لحكم بن حزام الذي كان رسول عتبة إليه ... قد انتفخ الله سحره (١) حين رأَي محمدًا وأَصحابه ... كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد. وما بعتبة ما قال ولكنه رأَي أَن محمدًا وأَصحابه أَكلة جزور، وفيهم ابنه فتخوفكم عليه (وكان أَبو حنيفة بن عتبة موجودًا وجيش المسلمين، لأَنه من السابقين الأَولين والإِسلام)، ثم تزايد غضب أَبي جهل وجرّد سيفه في عصبية زائدة ثم ضرب به متن فرسه، فقال له أَيماء (٢) بن رحضة الغفاري وقد رأَى الشر في وجهه: بئس الفأْل هذا.

ولما بلغ عتبة قول أَبى جهل انتفخ والله سحره - وهي كلمة يقولها العرب لمن غلبه الخوف واستبد به الفزع - سيعلم من انتفخ سحره، أَنا أَم هو.

وهكذا ولأَمر يريده الله، تغلَّب الطيش على الحكمة والرويَّة، فهزمت معارضة صاحب الجمل الأحمر، وتغلب رأْى أَبى جهل، فحمل جيش مكة على الاصطدام بجيش المدينة.


(١) السحر -بفتح السين وسكون الحاء- الرئة وما حولها وانتفاخها كناية عن شدة الخوف وتمكن الفزع.
(٢) أيماء الغفاري هذا كان قد أهدي لجيش مكة عشرة جزائر فنحروها ثم أرسل ابنه ليبلغهم أن غفار مستعدة لمدهم بالمتطوعين والسلاح قائلا (إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا، فشكروه، وقالوا له: إن كنا إنما نقاتل الناس ما بينا ضعف عنهم، وإن كنا إنما نقاتل الله كما يزعم محمد فما لأحد بالله من طاقة).

<<  <  ج: ص:  >  >>