لا ضرورة لها إلَّا الاستجابة لعواطف بعض الأَصحاب التي عند جيشانها قصرت مداركهم عن فهم وإدراك ما فهمه وأدركه القائد الفذ المحنّك المسؤول، والرسول الموحى إليه من عند الله والذي لا يصدر إلا عن أمره تعالى.
[شرط سطحي]
لقد قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الشرط الذي اشترطته قريش في المعاهدة والذي بموجبه قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الامتناع عن دخول مكة ذلك العام على أَن يدخلها وأَصحابه في العام القادم.
لقد تظاهرت قريش أنها بإملاء هذا الشرط قد انتصرت على المسلمين. بينما ذلك الشرط (في حقيقته) ليس أَكثر من غطاءٍ رقيق شفّاف، حاولت قريش - أمام السطحيين العاطفيين - أَن تغطي به هزيمتها الكبيرة في هذا النزاع الخطير الذي أثاره تصلُّفها وكبرياؤها الجاهلي. . هذه - الهزيمة المتمثلة في انحنائها للعاصفة بقبولها مبدأَ دخول المسلمين مكة واعترافها بحقهم في الطواف بالبيت، الأمر الذي كانت ترفضه وتمانع في الاعتراف به حتى توقيع مندوبها على معاهدة الصلح التي اعترفت فيها بهذا الحق.
إن كل ما كسبته قريش من هذا الشرط - الذي استعظم عامة الأَصحاب الموافقة عليه - هو أَن النبي قبل أن يؤجِّل دخول مكة للعمرة عامًا واحدًا.
وهذا أَبرز ما ظن قادة قريش، أو أوهموا السطحيين من مشركي العرب أن فيه نصرًا عظيمًا لقريش على المسلمين.