للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رسول الله .. انظر واديا من حطب فأَدخلهم فيه ثم أُضرمه عليهم نارًا، وكان العباس بن عبد المطلب (وهو أحد الأَسرى) يسمع، فقال لابن رواحة قطعتك رحمك.

وكان فريق آخر يرى الرأْفة بهم والتأَني في شأْنهم، وعلى رأْس هذا الفريق أبو بكر الصديق الذي قال:

يا رسول الله .. قومك وأهلك، استبقهم واستأْن بهم لعل الله أَن يتوب عليھم.

[القرار الأخير]

وبعد أن عرف الرسول رأْى الفريقين شكرهما وأثنى على اجتهادهما، حيث شبيه رأْي الفريق الأَول الذي يرى إبادة الأَسرى برأْي نبي الله نوح الذي طلب من الله تدمير قومه بقوله: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦)}. (١)

وشبه الفريق الثاني الذي يرى الرأْفة بالأَسرى، بنبي الله عيسى الذي قال في قومه: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} (٢).

إلا أَن الرسول اتخذ بشأْن هؤلاء الأسرى رأيًا وسطًا بين الرأيين، فقد خير الأَسرى بين القتل أَو الفداء، حيث قال لهم: أنتم اليوم عالة فلا يفلتن منكم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق.

وهكذا انتهت مشكلة الأَسرى، وأَبلغت المدينة مكة هذا القرار، وتم على أساسه فما بعد إطلاق سراح الأَسرى جميعًا، إما بواسطة الفداء


(١) نوح ٢٥.
(٢) المائدة ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>