وفي البخاري أيضًا عن أنس، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون (في غداة باردة)، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة فقالوا
مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمدًا ... على الجهاد ما بقينا أبدًا
[النبي يحمل التراب في الخندق]
ولقد كان النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - يعمل في حفر الخندق ويحمل التراب على ظهره كأنشط واحد في الجند، فقد روى البخاري من حديث البراء، قال: لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عنى الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشعر فسمعته يرتجز بشعر ابن رواحة وهو ينقل التراب ويقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا
[الصخرة التي حطمها الرسول]
وقد جاء في صحيح البخاروى عن جابر قال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية (١) شديدة (وعند النسائي: صخرة لا تأخذ منها المعاول) فجاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق،
(١) الكدية (بضم الكاف وتقديم الدال المهملة على التحتانية) هي القطعة الصلبة.