وعندما سلم أبو سفيان بن حوب النبي - صلى الله عليه وسلم - رسالة قومه وعرف مضمونها. لم يتردد في الاستجابة لرجاء قومه الذين ناشدوه الرحم. ولم يساوم، ولم يبد أي تشدد إزاء استرحام قومه بالرغبم من أن بقاء ثوار العيص في معاقلهم يسبب أفدح الخسائر في الأرواح والأموال لقريش الذين لم يتركوا وسيلة للإِضرار بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتنكيل بهم إلا واتبعوها.
ولكن أنَّى للأحقاد أن تجد سبيلها إلى قلب رجل أرسله الله رحمة للعالمين. هدفه هداية قومه وإنقاذهم من الضلال لا التنكيل بهم؟ .
أليس هو الذي يقول (وهو في أشد حالات المحنة في مكة من قومه): "اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون"؟
وانطلاقًا من روح التسامح وطرح الضغائن والأحقاد جانبًا. استجاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لرجاء قومه. فكتب إلى قائد الثوار في العيص (أبي بصير ونائبه أبي جندل) أن يتركا مواقعهما ويقدما عليه في المدينة برجالهما.
[قائد الثوار يموت وهو يقرأ كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]
وذكر أن كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا إلى قائد الثورة - (أبي بصير) وصل وهذا القائد البطل في حالة الاحتضار من مرض ألم به. ففض الكتاب وشرع في قراءته إلا أن روحه الطاهرة فاضت إلى باريها وكتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - في يده. ومات "على ما يظهر" قبل أن يكمل قراءته.
فتسلمه نائبه أبو جندل بن سهيل بن عمرو. الذي حل محله في قيادة الثوار. فقرأه .. ثم قام الثوار بدفن الثائر الأول البطل "أبي بصير" في معقل الثوار بالعيص. وبعد ذلك تولى أبو جندل تنفيذ أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأمر بإنهاء النشاط المسلح ضد مشركى مكة. وأبلغ جنوده بأن تلك هي رغبة الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم -.
فأطاع الجميع الأمر. ثم اتجه أبو جندل بشباب قريش المسلمين نحو