للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النبي يأمر بحفظ القضية ويعفو عن حاطب]

وكان عمر بن الخطاب حاضرًا التحقيق. فاغتاظ على حاطب وطالب بإعدامه قائلًا: يا رسول الله دعنى فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق (١).

إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوافق على اقتراح عمر، بل اتّبع سبيل الصفح والعفو عن حاطب لما له من مواقف مشرفة في السبق إلى الإسلام والذود عنه، لذلك أمر بحفظ القضية.

فقد أنهى النبي التحقيق مع حاطب بالعفو عنه قائلًا: إنه قد صدقكم ولا تقولوا له إلا خيرًا (٢).

ثم وجه الرسول - صلى الله عليه وسلم - حديثه إلى ابن الخطاب مؤكدًا العفو عن حاطب لأنه ممن حضروا بدرًا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - (وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع إلى أصحاب بدر يوم بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم! ! ! (٣).

وقد أنزل الله تعالى في حادثة حاطب بن أبي بلتعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} الآية (٤).

وفي هذه الآية تأكيد وشهادة بإيمان حاطب بن أبي بَلتعَة لأن هذا التنبيه موجه إليه خصوصًا وإلى المؤمنين عامة.

لأنّ حاطبًا هو الذي ألقى إليهم بالمودة حينما كتب إليهم ذلك الكتاب.

[استمرار خطة كتمان الزحف على مكة]

وبإحباط محاولة حاطب بن أبي بَلتعَة وباستعادة خطاب التحذير الذي كتبه لقريش من الجاسوسة سارة. ظلت خطة الكتمان معمولًا بها. وعمِيت أنباء تحركات الرسول الحربية الواسعة عن قريش .. حتى وصل بجيوشه إلى وادي مَرِّ الظهران القريب من مكة.


(١) سيرة هشام ج ٤ ص ٤١.
(٢) صحيح البخاري ج ٥.
(٣) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٤٩.
(٤) الممتحنة آية ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>