وقد رأينا (فيما مضى من هذا الكتاب) كيف كان بنو قريظة يرسلون القوافل محملة بالمؤمن إلى جيوش الأحزاب، وكيف وقعت إحدى هذه القوافل في أيدى إحدى دوريات جيش المدينة فصادرتها، وكانت عشرين بعيرًا، فخفف الله بأحمالها من ضائقة المسلمين.
كل هذه العوامل والأساب كانت توحى (لأول وهلة وعلى نحو لا يقبل النقاش) بأن النصر الساحق سيكون حليف الأحزاب ضد المسلمين وأن المدينة لا بد وأن تصبح في قبضة هذه الجيوش الغازية الضخمة الغامرة.
الأمر الذي غرر ببنى قريظة فحملهم على ارتكاب جريمة الخيانة البشعة تلك، إذ نقضوا العهد وانضموا إلى الجيوش الغازية ضد المسلمين ليأخذوا نصيبهم من ثمار النصر الذي لم يكن لديهم أدنى شك (إلا زعيمهم كعب بن أسد) بأنه سيكون حليف الأحزاب.
[أسباب فشل الأحزاب]
فما هي (إذن) الأسباب التي حالت دون تحقيق هذا النصر الذي توفرت للأحزاب كل أسبابه المادية؟ ؟ . وما هي الأسباب التي جعلت هذا النصر المتوقع يتحول إلى هزيمة منكرة، حيث مني هذا الغزو الكبير بذلك الفشل الذريع الذي يعتبر (على الإطلاق) أعظم فشل يصاب به اليهود والمشركون في تاريخ الصراع بين الإسلام وأعدائه في الجزيرة العربية؟ ؟ .