للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استشارة الرسول أصحابه في اجتياز الحدود إلى الشام]

ويذكر المؤرخون أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن وصل إلى تبوك، ولم يجد أي أثر للحشود الرومانية على الحدود (كما بلغه) جمع كبار قادة جيشه ومستشاريه وشرح لهم الوضع وشاورهم فيما إذا يرون أن يجتاز حدود الشام بجيشه أو يعود بالجيش إلى المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم إنما زحف بهذا الجيش إلى تبوك لأنه بلغه أن عدوانًا مبيتًا تدبره الإمبراطورية الرومانية على الجزيرة العربية.

وفي هذا الاجتماع الذي دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم تكلم الفاروق عمر بن الخطاب فاقترح على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعود بالجيش إلى المدينة دون أن يتقدم لاختراق حدود الشام، وأيد عمر اقتراحه هذا بأن الحملة قد حددت أهدافها، وهي إرهاب العدو الذي لم تجرؤ أية قوات تابعة له على الظهور أمام المسلمين رغم أن للعدو في الشام من الرومان وحلفائهم العرب المتنصرة ما لا يقل عن ربع مليون محارب، والمسلمون إنما كانوا في تبوك بقيادة نبيهم ثلاثون ألف مقاتل فقط.

فقد قال أصحاب المغازي: وشاور رسول الله صلى الله عليه وسلم في التقدم، فقال عمر بن الخطاب: إن كنت أمرت بالمسير فسر. قال رسول صلى الله عليه وسلم: لو أمرت به ما استشرتكم قال عمر: يا رسول الله، فإن للروم جموعًا كثيرة (يعني بالشام) وليس بها أحد من أهل الإِسلام، وقد دنوت منهم حيث ترى، وقد أفزعهم دنوك، فلو رجعت هذه السنة حتى ترى أو يحدث الله عزَّ وجلَّ لك في ذلك أمرًا (١). وقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمشورة ابن الخطاب، فعاد بالجيش إلى المدينة دون أن يجتاز بجيشه الحدود إلى الشام.

[المنافقون يحاولون اغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم -]

والعجيب الغريب في الأمر أن قوة الإِسلام بعد أن أخذت تتعاظم وأخذت جزيرة العرب - بعد نجاح غزوة تبوك وإسقاط مملكة الكنديين


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>