بدومة الجندل في الشمال وتحدى الإمبراطورية الرومانية نفسها وأرهابها وإجبارها على التزام الهدوء بعد أن كانت تفكر في غزو الجزيرة - بعد كل هذه الإنجازات والانتصارات التي جعلت الإسلام (بكل معاني الكلمة) صاحب السلطان المطلق في الجزيرة العربية وأجزاء من الشام نفسها مثل أذرح وإيلات .. بعد كل هذه الانجازات والانتصارات أخذ نشاط الباطنيين من الرتل الخامس (المنافقين) يتعاظم ضد الإسلام وضد النبي صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة، ولعل ذلك مرده الحسد الذي جعلهم يفقدون صوابهم.
فقد أخذ هؤلاء المنافقون يضاعفون من تآمرهم ويتحركون على صورة تحد واستفزاز أثناء التحرك إلى تبوك وبعد العودة منها، وبأسلوب لم يسبق له مثيل في نشاطاتهم التخريبية.
ففي غزوة تبوك بذل هؤلاء المنافقون محاولات يائسة فلجأوا (وكحركة مذبوح) إلى أعمال استفزازية ونشاطات تخريبية غلى كل الأصعدة لعلهم ينالون بها من وحدة الإِسلام الشامخة، ولعلهم يوصلون سوس الفرقة إلى صميم الأخوة الإِسلامية التي أقامها الإِسلام والتي لم تشهد جزيرة العرب لها مثيلاث تاريخها.
غير أن كل محاولات هؤلاء الباطنيين باءت بالفشل وتحطمت على صخرة الإِيمان الذي يتمتع به كل فرد من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم الصادقين. ورغم انكشاف أمرهم للرسول القائد صلى الله عليه وسلم والقادر على إنزال أقسى العقوبات بهم فإنه لم يتخذ ضدهم أي إجراء، بل تركهم للأمة كى تحاسبهم بنفسها. فحاسبتهم فعلا أقسى حساب، حيث كانت عقوبتهم من الشعب المقت والنبذ والازدراء، "حتى تلاشوا - تلقائيا - بأحقادهم وضغائنهم، وشمخ الإِسلام رغم أنوفهم حتى امتد رواقه فشمل ما بين المشرق والمغرب ..
فقد رأينا (كما تقدم) في بداية غزوة تبوك كيف حاول رأس النفاق عبد الله بن أُبَيّ (وبأسلوب ماكر خبيث) أن يشطر الجيش الإِسلامي ويدخل الفوضى والاضطراب داخل وحداته قبل أن يغادر المدينة فخرج ذلك المنافق