لقد كانت أحداث معركة (مؤتة) الخالدة دروسا يجب أن ينظر فيها بإمعان ويتلقاها بكل تفهم؛ كل جيل من أبناء الإِسلام يطمع حقًّا في نيل العزة والكرامة والرفعة والسمو بانتزاع عناصر الهزيمة والمزلة من النفوس.
[نظرة وتحليل]
لقد كانت هناك أعظم الدروس التي يمكن بل يجب استخلاصها مما حدث من الصحابة في معركة (مؤتة) بالشام. فحرب الأيام الستة التي خاضها (بكل ضراوة وعنف واستبسال) ثلاثة آلاف مسلم ضد مائتي ألف من الرومان وأتبعهم الذين يفوقونهم (من الناحية البشرية) سبعين ضعفا. ويتفوقون عليهم في التكنولوجيا (العلوم العسكرية) وحسن التسليح ووفرته بما لا جدال فيه لدى أي من المؤرخين (مسلمين كانوا أم غير مسلمين) هذه لحرب التي ثبت وقاتل واستبسل فيها المسلمون على ذلك النحو البطولى. ترك درسًا خالدًا لا يزال حيًّا ويجب أن يتلقاه الجندى المسلم في كل مراحل تدريبه العسكري وتسقيفه الحربى وهو أن العقيدة السليمة المكينة التي تربط بين الإِنسان وربه. وتجعله على صلة صحيحة صادقة بربه. غاية ما يتمنى الاستشهاد في سبيله تعالى. يشترط تمركزها في نفس كل محارب مسلم قبل كل شيء.
لأنَّ تغلغل العقيدة الإِسلامية الصحيحة في النفس قد أعطت (عمليًّا) النتائج الإِيجابية الرائعة المدهشة إلى درجة تقرب من المعجزة.
فلولا تغلغل هذه العقيدة في أعماق الرجال الذين خاضوا معركة مؤتة ضد الرومان. لما فكروا في البقاء لحظة داخل الأراضي الرومانية (في البلقاء) فضلًا عن تفكيرهم في مواصلة الزحف والاصطدام بالجيش الرومان. بعد أن أفادت تقارير استخباراتهم أن قوات هذا الجيش تتفوق عليهم في العدد سبعين ضعفا.
إنه بالرغم من ضرورة الاهتمام بالإِعداد المادى من رجال وخيل وسلاح لخوض المعارك كما حث على ذلك القرآن الكريم {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ