للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدرك خالد (بحاسة القائد الماهر المحنك) ما أصاب الرومان وحلفاءهم من خوف ورعب وارتباك. نتيجة نجاح خدعته الحربية البارعة المحكمة. فاغتنمها فرصة. فأمر في الحال بالهجوم على خطوط الرومان وبأسلوب عام صاعق كاسح فتم له ما أراد.

فقد مالت كل صفوف جيش الإسلام على خطوط الرومان الأمامية. فتملك الرعب نفوسهم. ثم تضعضعت صفوفهم فركبهم المسلمون وأحدثوا فيهم مقتلة عظيمة. كانت بكل معاني الكلمة (مذبحة) وصفها الواقدي في كتابه المغازى بقوله: (حدثني عطاف بن خالد. قال: لما قتل ابن رواحة مساءا بات خالد بن الوليد. فلما أصبح غدا. وقد جعل مقدمته ساقته. وساقته مقدمته. وميمنته ميسرته. وميسرته ميمنته. فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئاتهم. وقالوا: قد جاءهم مدد! فرعبوا فانكشفوا منهزمين فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم قط) (١).

وقال ابن سعد في طبقاته الكبرى ج ٢ ص ١٣٠ (وهو يروى قصة انتصار خالد على الرومان بعد توليه القيادة): ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة وطاعن حتى قتل. ثم انهزم المسلمون أسوأ هزيمة رأيتها قط لم أر اثنين جميعًا .. ثم أخذ خالد (بن الوليد) اللواء ثم حمل على القوم فهزمهم الله أسوأ هزيمة رأيتها قط. حتى وضع المسلمون أسيافهم حيث شاءوا (٢).

[تسعة أسياف تتكسر في يد خالد بمؤتة]

واستمر خالد يطارد الرومان بكل قواته حتى أثخنوهم. وكان القتال قتالا ضاريا خاضه المسلمون (بعد هزيمتهم) بحنق وغيظ. وكان الرومان في تراجعهم أمام هجوم خالد المضاد. يقاتلون بشراسة ولا أدل على عنف المعركة التي انتصر فيها خالد على الرومان (والفضل الأول للخدعة


(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٦٤ تحقيق الدكتور مارسدن جونس. طبع جامعة أكسفورد.
(٢) هذا مقطع من حديث طويل عن أحد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أبو عامر- روى فيه تفاصيل مصرع القادة الثلاثة. وكان في مهمة في الشام بعثه فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فشاهد ما حدث في مؤتة وهو عائد من الشام.- انظر طبقات ابن سعد الكبرى ج ٢ ص ١٢٩ وما بعدها-.

<<  <  ج: ص:  >  >>