الأحزاب وكبت الخونة الغادرين من يهود بني قريظة، وكتب النصر للمؤمنين الصابرين، وكان نصرًا ساحقًا عظيمًا دون أن يتكبد المسلمون في سبيله خساره من الرجال تذكر، وهذا الذي عناه الله تعالى بقوله {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال}.
وبعد أن تمت عملية انسحاب جيوش الأحزاب من معسكراتها حول المدينة، أصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره إلى جيشه بالعودة إلى المدينة، فأخذ هذا الجيش في ترك مواقعه واتجه نحو المدينة، بعد أن تنفس الصعداء وتخلص من ذلك الكرب العظيم الذي لم يشهد مثله في تاريخه.
[آخر غزوة يقوم بها العدو]
ولقد أبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه (وهم يتركون مواقعهم خلف الخندق) بأن هذه الغزوة التي قام بها الأحزاب ستكون آخر عملية عسكرية يقوم بها الأعداء ضد المسلمين، وأن الجيش الإسلامي سيكون (بعد هذه الغزوة) هو الغازى دائمًا.
فقد أخرج البزار من حديث جابر بإسناد حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزاب - وقد جمعوا له جموعًا كثيرة - "لا يغزونكم بعدها أبدًا ولكن أنتم تغزونهم".
وفعلًا، فإن المسلمين - بعد غزوة الأحزاب - لم يتعرضوا لأي غزو من قبل العدو، وإنما كانو هم الذين يقومون بغزو الأعداء، حتى تمت لهم السيطرة الكاملة على جزيرة العرب، وهكذا فإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، لا ينطق عن الهوى (و)"إن هو إلا وحي يوحى"، - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه وسلم.