للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَينَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} (١).

[تعنت اليهود وحلم النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم]

وقد اشتط اليهود في حربهم الجدلية مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتمادوا في تعنتهم، وبالغوا في إيذاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفسيًا، إلى درجة أثاروا معها غضبه، فثاورهم وباطشهم من شدة الغضب لله تعالى، لشدة وقاحتهم واستفزازاتهم بالأسئلة الوقحة المحرجة ألتى لا تعنى شيئًا سوى الإعنات والتنكيد والتأثير على نفوس البسطاء وتشكيكهم ليبتعدوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويزهدوا في دعوته.

أتاه مرة رهط من هؤلاء اليهود، ققالوا له .. يا محمد هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتقع لونه ثم ساورهم غضبًا لربه، قال ابن إسحاق .. فجاءه جبريل - عليه السلام - فسكنه، فقال .. خفض عليك يا محمد، ثم نزل الجواب على هذا السؤال الخطير المحرج من السماء {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (٢).

فلما تلا عليهم هذا الجواب المُسكت الذي نزل به القرآن، سدروا في تعنهم وأوغلوا في عبثهم واستهتارهم .. صف لنا يا محمد، كيف ذراعه؟ كيف عضده؟ فغضب الرسول - صلى الله عليه وسلم - أشد من غضبه الأول وساورهم (أي باطشهم من شدة الغضب) فأتاه جبريل فقال له .. مثل مقال له أول مرة


(١) آل عمران: ٢٣.
(٢) الإخلاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>