للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لينفض الناس من حوله، فبلغ بهم السفه إلى أن يطلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ليس في مقدوره ليوهموا الناس أنه ليس بنبي.

فقد حضرت (مرة) مجموعة من أحبارهم لمناظرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا أحق يا محمد أن هذا الذي جئت به لحق من عند الله، فإنا لا نراه متسقًا كما تتسق التوراة؟ .

فقال لهم .. أما والله إنكم لتعرفون أنه من عند الله، تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة، فغيروا مجرى الحديث وسألوه (في سخرية) .. أما يعلمك هذا إنس ولا جن؟ فقال لهم .. أما والله إنكم لتعلمون أنه من عند الله، وإني لرسول الله تجدونه ذلك مكتوبًا عندكم في التوراة، فغيروا مجرى الحديث مرة أخوى (للإعنات فحسب) فقالوا .. يا محمد، فإن الله يصنع لرسوله إذا بعثه ما يشاء ويقدر منه على ما أراد، فأنزل علينا كتابًا من السماء نقرؤه ونعرفه وإلا جئناك بمثل ما تأتى به، فأخرسهم الله حيث أنزل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى:

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (١). واجتمع بهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في معهد من معاهد علمهم (يقال له بيت المدارس) فدعاهم إلى الله، فقال له حبران من أحبارهم .. على أي دين أنت يا محمد قال .. على ملة إبراهيم ودينه، فقالا: فإن إبراهيم كان يهوديًّا فقال لهم - صلى الله عليه وسلم - .. فهلم إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم، فأبيا عليه.

فأنزل الله تعالى فيهما {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ


(١) الإسراء: ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>