رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم يدعوكم إلى الله وإلى الإسلام تدخلون في الدين كافة، فإن الله مظهر دينه ومعزّ نبيّه، وأُخرى تكفّون، ويلي هذا منه غيركم، فإِن ظفروا بمحمد فذلك ما أَردتم، وإن ظفر محمد كنتم بالخيار، أَن تدخلوا فما دخل فيه الناس أَو تقاتلوا وأَنتم وافرون جامّون، إن الحرب قد نهكتكم وذهبت بالأَماثل منكم .. وأُخرى أَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبركم أَنه لم يأْتِ لقتال أحد، إنَّما جاءَ معتمرًا معه الهَدْي عليه القلائد ينحره وينصرف، فجعل عثمان يكلمهم فيأْتيهم بما لا يريدون، ويقولون قد سمعنا ما تقول ولا كان هذا أبدًا، ولا دخلها علينا عنوة فارجع إلى صاحبك فأَخبره أَنه لا يصل إلينا (١).
[عثمان في مكة]
وبعد أَن أبلغ عثمان رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كبار قادة قريش الموجودين في المعسكر بوادي (بَلداح) قرر أَن يتوجّه إلى مكة نفسها ليبلغ الرسالة النبوية من لم يكن حاضرًا في بلدح من سادات قريش.
وعندما علم أَبان بن سعيد (مُجِير عثمان) برغبة ابن عمه في دخول مكة قرَّر أَن يكون في صحبته ليعرّف الناس أَنه في جواره فلا يعتدى عليه أَحد، فقد أَحضر أَبان فرسه وأَردف عثمان خلفه ثم انطلق به نحو مكة، ولما وصل مكة رأَى الناس عثمان وكانوا يعرفونه، وكانت رغبتهم جامحة في أَن يفتكوا به كأَحد الأَركان من أَصحاب محمد، ولكنَّهم لما رأَوه رديفًا لأبان بن سعيد بن العاص على فرسه، عرفوا أَنه في جواره فكفّوا عن أَذاه على مضض.