العسكر، كلما مر بترس ساقط أو رمح أو متاع من متاع النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذه وحمله، والأزلام في كنانته، حتى أوقر جمله وخرج صفوان بن أمية ولم يسلم، وهو في المدة التي جعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاضطرب خلف الناس، ومعه حكيم بن حزام، وحويطب بن عبد العزى، وسهيل بن عمرو، وأبو سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وعبد الله بن أبي ربيعة، ينظرون لمن تكون الدائرة اضطربوا خلف الناس والناس يقتتلون فمر به (أي صفوان بن أمية) رجل فقال: أبشر أبا وهب، هزم محمد وأصحابه. فقال له صفوان: إن ربًا (أي حاكما) من قريش أحبّ إلى من رب من هوازن إن كنت مربوبًا (١). ومعنى مربوبًا أي محكومًا لملك أو غيره. فالعرب في لغتهم يعبرون عن الملك أو الحاكم بالرب، وهذا كثير في أقوالهم من شعر ونثر.
[وخامة عواقب الإعجاب بالنفس]
بعد فتح مكة قويت شوكة المسلمين سواء من الناحية المعنوية أو العسكرية .. فمن الناحية المعنوية بات سلطان الإسلام على شبه الجزيرة العربية شبه مطلق بعد وقوع مكة في قبضة الجيش الإسلامي، لأن مكة تعتبر عاصمة الجزيرة العربية كلها لما لها من مركز دينى بين العرب على اختلاف مشاربهم وميولهم.
ومن الناحية العسكرية، فقد اجتمعت للإسلام (بعد فتح مكة) قوة حربية لم ينضو تحت لواء الإسلام مثلها منذ بزغت شمس هذا الدين.
اثنا عشر ألف مقاتل تحركت من مكة في اتجاه حنين بقيادة الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - وهو عدد كما قلنا لم يجتمع لمسلمين مثله من قبل.
لقد كانت هذه الكثرة، كثرة الجيش التي لم يعرف المسلمون مثلها في تاريخهم العسكري من قبل .. كانت هذه الكثرة باعث عجب بين بعض فصائل المحاربين في الجيش النبوي، تحوّل هذا العجب (عند البعض) إلى ما يشبه الغرور.