حصون خيبر، وكان آخرها حصن (النزار)، أسلم اليهودى سماك، بعد أن وفّى له النبي - صلى الله عليه وسلم - بما وعده، فأعطاه زوجته واسمها (نفيلة) وكانت مع نساء اليهود وذراريهم في حصن (النزار)، قال كعب بن مالك: رأيت اليهودى سماك يأخذ بيد امرأة حسناء (وهي امرأته نفيلة)(١).
[عدد الخسائر]
وهكذا بعد معارك شديدة كانت سجالًا بين المسلمين واليهود حول حصن ناعم تمكن المسلمون في النهاية بقيادة علي بن أبي طالب من اقتحام هذا الحصن والاستيلاء عليه.
وتدلّ لهجة المؤرخين كما تقدم -على أن القتال حول حصن مرحب وهو (حصن ناعم) أعنف قتال دار بين المسلمين واليهود، وقد دام هذا القتال حول الحصن أكثر من خمسة عشر يومًا لاقى المسلمون فيها مقاومة عنيدة شرسة بلغت إلى حدّ قيام اليهود المدافعين عن هذا الحصن بعدة هجمات مضادة هزموا المسلمين فيها حتى أوصلوا حيث يعسكر القائد الأعلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، الأمر الذي أزعجه كما تقدم، وجعله يحضّ المسلمين على الجهاد ويُبدل القائد الذي كان يتولى قيادة الجند المكلف بفتح حصن مرحب.
ومن هنا يمكن القول: أن تمكن المسلمين بقيادة علي بن أبي طالب من فتح حصن ناعم جعل جيش الإِسلام يدخل إلى النصر على اليهود في خيبر من أوسع أبوابه.
فاليهود وإن لم يستسلموا كليًّا بعد سقوط حصن (ناعم) إلا أن انهزامهم وفشلهم في الاحتفاظ بهذا الحصن المنيع وقتل المسلمين أمامه لأشجع شجعان اليهود (وهم .. مرحب .. وأخويه .. ياسر .. والحارث .. وعامر) ضعضع من معنويات يهود خيبر، وجعلهم يكادون يفقدون الثقة بأنفسهم بعد أن بلغت هذه الثقة إلى حد الغرور والاستهانة بقوات المسلمين كما رأينا في أول القتال حيث فتح اليهود باب حصن ناعم، وحملوا على المسلمين حتى طاردوهم إلى حيث يقف النبي - صلى الله عليه وسلم - وهيئة أركان قيادته.
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٩ ومغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٤٦ - ٦٤٨.