الأكبر، فكانوا أمام تلك الإشاعات الظالمة الكاذبة المدبرة المغرضة التي أغرقت المدينة، لا يحيرون جوابًا. وماذا عساهم أن يقولوا، والشك في ابنتهم قد تسرب إلى قلب زوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه، ولقد انطوى أهل البيت الطيب الوادع الكريم على أنفسهم، يهد منهم الألم بعنف وضراوة وهم لا يدرون ما يصنعون أو يقولون، أمام هذه النازلة التي امتحنهم الله بها، ولقد فاض الألم المدمر على لسان ذلك الرجل الوقور الصابر المؤمن، الذي استفزته ضراوة ألم تلك الإشاعات القاتلة مرة فقال: والله ما رمينا بهذا في جاهلية، أفنرضى به في الإسلام؟ .
وعندما قالت له ابنته البرئية المعذبة المظلومة (والألم يطحن قلبها الأبيض الطاهر): أجب عنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال- في ألم وإشفاق: والله ما أدرى ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
حقًّا لقد كان حادث الإفك معركة آلام عنيفة طاحنة خاضها البيت النبوى الكريم، وأضنت جروحها الثخينة قلوبًا كبيرة طاهرة نقية، وكادت تودى بنفوس بريئة كمدًا وغمًا.
[عائشة تروي القصة المؤلمة]
ولما في هذا الحادث الخطير من عبر وعظات وتربيات يمكن أن يستفيد منها الذين يتسرعون في رمى الأبرياء، فإنا سندع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تروى لنا قصة هذا الألم القاتل الذي عاشته طيلة شهر كامل.
فقد روى الزهري عن عروة وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: