للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحتى ذلك القلب الكبير النقى الطاهر، قلب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - صار عرضة لنزوع الشك والحيرة والقلق، فقد أثرت تلك الإشاعات الكاذبة في نفسه فأعرض عن زوجته الطيبة الطاهرة الحنون، مما اضطرها إلى الانتقال إلى بيت أبيها الصديق رضي الله عنه مشكوكًا فيها من زوجها العظيم وظلت هناك حتى نزلت براءتها من السماء قرآنًا يتلى أبد الآبدين.

وكانت محنة (بل أعظم محنة نفسية شاقة مضنية) تعرض لها النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في حياته، وهل هناك أعظم وأشد إيلامًا من أن يطعن الإنسان في عرضه، وخاصة من هو على مستوى النبوة والقيادة للأمة كلها؟ .

ولقد استمرت المحنة (التي تكلف فيها صاحب أطهر نفس في تاريخ الإنسانية من الآلام ما تنهد له الجبال) شهرًا كاملًا انقطع خلاله اتصال السماء بالأرض، وظل فيه ذلك القلب الكبير النقى معلقًا بحبال الشك تعتصره الآلام إلى أخف منها آلام طعن الرماح ووقع السيوف.

أما آل الصديق، أما بنت الصديق، أما زوج الصديق، أما الصديق نفسه، ذو الوقار المتناهى والحساسية المرهفة والطيبة الكاملة فقد كانت مصيبتهم أعظم من أن توصف، ويا لها من مصيبة، وهل هناك أعظم من أن يصاب بيت كريم رفيع العماد بالطعن في عرض ابنته .. وزوجة من؟ ؟ .. زوجة محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، حبيب أبيها ورفيقه في النضال والجهاد منذ بزغت شمس الإسلام على هذه الأرض.

ولقد عقد هول الفاجعة ألسنة أهل ذلك البيت الطاهر بيت الصديق

<<  <  ج: ص:  >  >>