للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر عمرو بن العاص، أنه بعد هذا النقاش والبحث الذي دار بينه وبين الملك عبد (وكان حليما سهلا) وبعد ممانعة من حجاب الملك جَيفَر. أوصله (عبد) إلى أخيه جيفر. فسلمه عمرو كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففضه فقرأه حتى انتهى إلى آخره، ثم دفعه إلى أخيه (عبد) فقرأه، ثم قال (جَيفَر): ومن معه؟ فقلت: الناس قد رغبوا في الإِسلام واختاروه على غيره، وعرفوا بعقولهم مع هدى الله إياهم أنهم كانوا في ضلال مبين، فما أعلم أحد بقى غيرك في هذه الخرجة، وأنت إن لم تسلم وتتبعه تطؤك الخيل وتبيد خضراءك (أي جماعتك) فأسلم تسلم، ويستعملك على قومك، ولا تدخل عليك الخيل والرجال.

قال: دعنى يومى هذا وارجع إليّ غدًا. فلما كان الغد أتيت إليه فأبى أن يأذن لي، فرجعت إلى أخيه (عبد) فأخبرته أني لم أصل إليه، فأوصلنى إليه. فقال: إني فكرت فيما دعوتنى إليه فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلًا ما في يدي وهو لا تبلغ خيله ها هنا، وإن بلغت خيله ألفت قتالًا ليس كقتال من لاقى. قلت: وأنا خارج غدًا، فلما أيقن بمخرجى خلا به أخوه (عبد) - وكان حليمًا عاقلًا - قال عمرو: ثم أصبح فأرسل إليّ فأجاب إلى الإِسلام هو وأخوه جميعًا وصدقا، وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم وكانا لي عونًا على من خالفنى (١).

[إسلام حمير في اليمن]

أما ملك حمير في اليمن (وهو الحارث بن عبد كلال) فقد كتب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى أخويه نعيم ومسروح كتابًا مع المهاجر بن أبي أمية هذا نصه "بسم الله الرحمن الرحيم: إلى الحارث ومسروح ونعيم بن كلال من حمير، سلم أنتم ما آمنتم بالله ورسوله. وإن الله وحده لا شريك له بعث موسى بآياته، وخلق عيسى بكلماته، قالت اليهود: (عزيز بن الله) وقالت النصارى: (الله ثالث ثلاثة، عيسى بن الله) (٢).


(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٧٤ - ٣٧٥.
(٢) الوثائق السياسية ص ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>