زعمت قريش) بعدوى هذه الحمى الخطيرة. وكان هدف أجهزة الدعاية الوثنية من وراء هذه الكذبة تحقير شأن المسلمين وتصغيرهم والتقليل من هيبتهم التي بدت قلوب الجماهير القرشية تمتلئ بها.
النبي يعمل على إبطال الإِشاعة
وعندما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر إشاعة إصابة أصحابه بالحمى الصفراء. والتي أطلقتها أبواق الدعاية العادية. لفت أنظار أصحابه إلى هذه الفرية وطلب منهم القيام (عمليًّا) بما يبطل هذه الإِشاعة الكاذبة. وذلك بأن يظهروا- أمام الجماهير القرشية التي ترقبهم من التلال -بمظهر القوى النشط. فعندما واصل المسجد قال - صلى الله عليه وسلم -: رحم الله امرءا أراهم اليوم من نفسه قوة .. ثم لكى ينفى فرية الضعف التي أطلقتها قريش بدأ طوافه بالهرولة (وهي حركة مشى نشطة دون الجرى) وهرول أصحابه معه كما هرول. واستمر النبي - صلى الله عليه وسلم - يهرول وأصحابه في طوافهم يهرولون معه ثلاثة أشواط. فمضت بذلك السنة. فصار من السنة (أبد الأبدين) أن يهرول الطائف بالبيت في الأشواط الثلاثة الأول (١).
فكانت بداية طواف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مظهرًا من مظاهر القوة والفتوة والنشاط. به انتسخت من أذهان القرشيين تلك الفرية التي أطلقتها أبواق الدعاية القرشية الوثنية.
وفعلًا رأت الجماهير القرشية المضللة بأعينها بطلان تلك الإِشاعة الكاذبة. وذلك حين رأوا المسلمين يتحركون في الطواف بالبيت وهم على ذلك المستوى بن القوة والنشاط.
ولم يكن كل القرشيين ارتفعوا إلى رؤوس الجبال لئلا يروا المسلمين ويختلطوا بهم. بل بقيت منهم جماعات كثيرة بمكة وقفوا عند دار الندوة صفوفًا ينظرون إلى المسلمين بدافع الفضول. فرأوا عكس ما كانت تروجه دعاية قريش من أكاذيب بشأن المسلمين، رأوا جيلًا من الناس. لم يروا مثله في الضبط والسكينة والوقار مع القوة الفائقة وعلامات الشجاعة والبطولة والانقياد لنبيهم - صلى الله عليه وسلم -.