بحيث يستحيل على أية قوة - وخاصة في يثرب - القيام ضدهم بأي عمل عسكرى مهما كان نوعه.
وهذا عكس ما كان يعتقد هؤلاء الأعداء، ولهذا فإنهم أصيبوا بالدهشة والذهول عندما بلغهم أن جيش مكة - الذي ظنوه انتصر على المسلمين في أُحد - قد نكل عن المعركة وفر هاربًا أمام جيش المدينة الذي اعتقدوا أنه قد تحطم عند سفوح جبل أُحد، رأوا هذا الجيش يعود إلى المدينة مرفوع الرأس، ولسان حاله يقول لهؤلاء اليهود المتربصين، من الأصلح لكم أن تلتزموا الهدوء فإن آية حركة تأتى من ناحيتكم فإن مصيرها لن يكون إلا السحق الكامل.
وفعلًا .. فإن اليهود وأنصارهم السريين (المنافقين) قد أعادوا النظر في مخططهم ولم يتسرعوا في تنفيذ هذا المخطط فالتزموا الهدوء، والسبب المباشر في ذلك كله هو نجاح النبي - صلى الله عليه وسلم - في حملة حمراء الأسد (١) الجريئة تلك الحملة التي أعادت للجيش الإسلامي هيبته وجعلته يعود سيدًا للموقف في يثرب كما كان دون منازع، بالرغم من الخسائر الباهظة التي تعرض لها - في الرجال - في معركة أُحد.
[الحركات العسكرية ضد الأعراب]
وبينما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوطد دعائم الأمن والاستقرار في منطقة يثرب كانت قبائل العرب الأخرى في منطقة الحجاز ونجد ترسم مخططاتها وتشرع في تجمعاتها للإغارة على المدينة وضرب المسلعين فيها، مغتنمين
(١) انظر تفاصيل حملة حمراء الأسد في كتابنا (غزوة أُحد).