للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دومة الجندل إلى حظيرة سلطان الإِسلام.

فقد كانت دومة الجندل تشكل مملكة صغيرة يحكمها ملك عربي حضرمى من كندة وكان على دين النصرانية، وكان شعب مملكة دومة الجندل أغلبيته الساحقة من قبيلة كلب القحطانية، وهي قبيلة كثيرة العدد، وذات قدرة قتالية ممتازة، وهذا أمر مشهور عن هذه القبيلة في الجاهلية والإِسلام.

وكانت مملكة دومة الجندل النصرانية هي الجيب الوحيد الذي بقى في شمال الجزيرة العربية حتى السنة التاسعة للهجرة غير خاضع لسلطان الإِسلام، ولما كان من برنامج الرسول - صلى الله عليه وسلم - توحيد الجزيرة العربية كلها تحت لواء الإِسلام بحيث لا يبقى في أية بقعة من هذه الجزيرة شبر واحد غير خاضع لسلطان الإِسلام، فقد قرر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إخضاع نصارى دومة الجندل إما بالسلم والصلح، وإما بالحرب.

وبناءًا على هذا القرار استدعى الرسول - صلى الله عليه وسلم - القائد الشهير خالد بن الوليد، وأبلغه أنه قد قرر غزو دومة الجندل، وأنه - صلى الله عليه وسلم - قد عين خالدا قائدًا على الجيش الذي سيتولى هذه المهمة.

وقد انتخب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعمائة وعشرين فارسًا من الجيش النبوي المرابط في تبوك كى يقودهم خالد ليقوموا بتصفية الجيب المعادى المتبقى في دومة الجندل.

ولما كان خالد يعرف مبلغ القوات الكثيفة التي توجد للأعداء في دومة الجندل، ومدى قدرة هؤلاء الأعداء القتالية، رأى (حسب مقياس الحروب المجرد) أن هذه الكتيبة من الفرسان التي عليه أن يقتحم بها معاقل دومة الجند التي من أهمها قلعتها التاريخية الحصينة، رأى أن هذه الكتيبة غير كافية لتحقيق الهدف الذي يريد الرسول - صلى الله عليه وسلم - تحقيقه من وراء هذه الحملة التي كلف خالد القيام بها. فقد قال خالد - وهو يراجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا الصدد -: يا رسول الله كيف لي به (أي أكيدر ملك دومة الجندل وهو وسط بلاد كلب، وإنما أنا في نفر يسير؟ (١).


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>