- صلى الله عليه وسلم -. إلَّا أنه فشل فشلًا ذريعًا في مهمته. حيث لم يقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الدخول معه في أية مفاوضة حول طلبه الذي جاء من أجله وهو تجديد الصلح والزيادة في مدته.
فقد وجد أبو سفيان الجو في المدينة مشحونًا بالنقمة على قريش والتغيُّظ عليها لما صنعت من نقض الصلح بالمشاركة في العدوان على خزاعة حليفة المسلمين. فقد عبَّأ مجئ وفد خزاعة إلى المدينة وشرحه للنبي - صلى الله عليه وسلم - تفاصيل العدوان الغادر ... عبأ مشاعر المسلمين ضد القرشيين إلى درجة أن وجد أبو سفيان (وهو سيد كنانة) نفسه منبوذًا في المدينة لا يلقاه إنسان واحد بوجه طلق.
[ابنة أبي سفيان تطرد أباها]
وكانت أول صدمة تلقاها أبو سفيان بن حرب -فور دخوله المدينة- ذلك التصرف الذي تصرفته نحوه ابنته المسلمة أم حبيبة.
فقد كانت هذه السيدة الفاضلة إحدى أُمهات المؤمنين. ولما كانت ابنته قصد حجرتها بمنزل رسول الله، وعندما دخل عليها حاول أن يجلس على فراش الرسول - صلى الله عليه وسلم - منعته من ذلك، إذ طوت الفراش لئلا يجلس عليه.
فساءه ذلك وقال (في مرارة وألم): يا بنية ما أدرى أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عنى؟ فقالت -في لهجة المؤمن الصادق المكين الذي يجعل اعتبار العقيدة والمبدأ فوق كل اعتبار-: بل هو فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت رجل مشرك نجس، ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: والله لقد أصابك يا بنية بعدى شر (١).
قالت: هداني الله للإِسلام، وأنت يا أبت سيد قريش وكبيرها، يسقط عنك دخولك في الإِسلام؟ وأنت تعبد حجرًا لا يسمع ولا يبصر! ! فقال: يا عجباه! وهذا منك أيضًا! أأترك ما كان يعبد آبائي