للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني. فقال: أين تريد؟ الشام قال: لعلك من رسل محمد؟ قال: نعم أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأمر به فأوثق رباطا، ثم قدّمه فضرب عنقه صبرا، ولم يُقتَلْ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسول غيره فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر واشتد عليه (١).

[اغتيال ١٥ من الصحابة على يد المرتزقة العرب في الشام]

يضاف إلى ذلك أن جنودا من العرب المتنصرة التابعين للكومنولث البيزنطى. قد اعتدوا على بعثة سلمية دخلت أرض الشام تدعو العرب إلى الإِسلام. فقتلوا جميع أفرادها غدرا في ذات الطلح كما مر تفصيله فيما مضى من هذا الكتاب .. وكانت المنطقة التي قتل فيها الصحابة (وعددهم أربعة عشر) تقع جنوب الشام في البلقاء من الأردن ضمن ممتلكات التاج البيزنطى .. وهي منطقة يحكمها الحارث بن أبي شمر الغساني باسم الإِمبراطورية الرومانية الشرقية.

ويظهر أن كل هذه الاعتداءات الغادرة على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإِضافة إلى تهديد ملك غسان التنصر الحارث بن أبي شمر -المسلمين بالغزو حيث روى عنه أنه قال- بعد أن قتل رجال استخباراته صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورسوله إلى الملك الحارث- إننى سائر إليه (أي النبي - صلى الله عليه وسلم -) يظهر أن كل الاعتداءات والتهديدات بغزو الجزيرة واحتلال المدينة من قبل جيوش الإِمبراطورية الرومانية -على يد عميلها الحارث بن أبي شمّر- قد كان السبب الأكبر في غزوة (مؤتة).

فهذه الأعمال العدوانية إن سكت عليها المسلمون قد تمنح وزارة الحربية في القسطنطينية مزيدا من الجرأة على اجتياز حدود الجزيرة العربية لاحتلال عاصمة الإسلام (المدينة) لا سيما وأن القلق أخذ (بصورة جدية) يساور المتعصبين من بطارقة وقادة الإِمبراطورية الرومانية على أثر الموقف الإِيجابى الذي وقفه الملك (هرقل) من الكتاب الذي وجهه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا الإِمبراطور يدعوه فيه وشعبه إلى الدخول في الإِسلام.


(١) انظر تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣٦ ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>