للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتفضحنك، ولئن كتمتها لأهلكن، وإحداهما أهون على من الأخرى، فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - مقالة الجلاس، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أعطى الجلاس مالا من الصدقة لحاجته وكان فقيرًا، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الجلاس فسأله عما قال عمير، فحلف بالله ما تكلم به قط، وأن عميرًا لكاذب -وهو عمير بن سعيد- وهو حاضر عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام وهو يقول: اللهم أنزل على رسولك بيان ما تكلمت به، فأنزل الله على نبيه: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} إلى قوله تعالى: {أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} للصدقة التي أعطاها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال الجلاس: أسمع، الله قد عرض على التوبة، والله لقد قلت ما قال عمير، ولما اعترف بذنبه وحسنت توبته ولم يمتنع عن خير كان يصنعه إلى عمير بن سعيد، فكان ذلك مما عرفت به توبته (١).

[المرور بديار ثمود والنهي عن الشرب من بئرها]

وكما هي سياسة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحكيمة لم يتخذ أي إجراء ضد عناصر النفاق لكلام التثبيط والكفر والاستهزاء الذي فاهوا به، مع أن القرآن الكريم أدانهم بذلك بعد إنكارهم.

واستمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تحركه نحو تبوك، وأثناء التحرك مر بوادى القرى ذي المزارع الشهيرة والمناخ الجميل، والذي قال فيه الشاعر:

ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة ... بوادى القرى إني إذن لسعيد

كما مر بالحجر (٢) من ديار ثمود (قوم صالح) وهناك نهى الجيش أن


(١) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٦٨، ومغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠٠٣ و ١٠٠٤ و ١٠٠٥، والسيرة الحلبية ج ٢، والطبرى ج ٣ ص ١٠٨.
(٢) الحجر (بكسر الحاء وسكون الجيم) قال ياقوت في معجمه: اسم ديار ثمود بوادى القرى بين المدينة والشام، وقال الأصطخرى: الحجر قرية صغيرة قليلة السكان، وهو من وادي القرى على يوم بين جبال .. وبها كانت منازل ثمود، قال تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} قال: ورأيتها بيوتًا مثل بيوتنا في أضعاف جبال، وتسمى الجبال الأثالث، وهي جبال إذا رآها الرائى=

<<  <  ج: ص:  >  >>