وقد بقيت بالمدينة بقية من اليهود لم تنلهم التصفية التي نالت بني قريظة الخونة الغادرين لأن هذه البقية من اليہهود لم يكن لها يد في الغدر الذي أقدمت عليه قريظة. . ولهذا لم يتعرض لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لا بنفى ولا بقتل ولا بحبس، فظلوا في المدينة أحرارًا في ذمة وعهد المسلمين.
إلا أن هؤلاء اليهود بالرغم من المعاملة العادلة التي يعاملهم بها المسلمون ظل هواهم مع إخوانہهم يہهود خيبر، بل لم يتورعوا عن التحزب والتعصب لهم داخل المدينة علنًا.
فقد روى الواقدي في كتابه (المغازي ج ٢ ص ٦٣٤) أن البقية من يهود المدينة الذين ظلوا في عهد وذمة المسلمين (بعد تأديب بني قريظة) لما علموا بتجهز المسلمين لغزو خيبر شق عليهم ذلك لأنهم موقنون أن احتلال المسلمين لخيبر يعني إِنہهاء الوجود اليہهودي الدخيل في الجزيرة. . فلم يجدوا مانعًا من التعبير عن عطفهم على يهود خيبر وامتعاضهم من المسلمين. لاعتزامهم الزحف علي خير.
[إحراج اليهود للمسلمين]
وكان اليهود أصحاب ثروات كبيرة، فكان المسلمون يقترضون منهم لقلة ما بأيديهم من الأموال فلا يكاد أحد من المسلمين يسلم من أن يكون عليه دين ليہهودي في المدينة. وقد استغل اليہهود ذلك لصالح يهود خيبر فحاولوا تعويق المسلمين عن الغزو بمطالبتهہم (فورًا) بتسديد ما عليہهم من ديون.
فقد روي الواقدي (ج ٢ ص ٦٣٤) أن أحد الصحابة الغازين مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فلما تجهزنا نريد خيبر، لم يبق أحد من جهود المدينة له على أحد من المسلمين حق إلا لزمه، وكان لأبي الشحم (أحد اليهود) عند عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي خمسة دراهم في شعير أخذه لأهله، فلزمه فقال: أجلنى فإني أرجو أن أقدم عليك فأقضيك حقك إن شاء الله، إن الله عزَّ وجلَّ قد وعد نبيّه خيبر أن يغنمه إياها، وكان عبد الله بن أبي