للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك: (بغضب واستكبار): والله لا أفعل، ولا أغيِّر أمرًا صنعته، إنك قد كبرت وكبر علمك، وحدث بعدك من هو أبصر بالحرب منك.

دريد: يا معشر هوازن، والله ما هذا لكم برأي، هذا فاضحكم في عورتكم ممكن منكم عدوّكم، ولاحق بحصن ثقيف وتارككم، فانصرفوا واتركوه.

[قائد هوازن يهدد بالانتحار]

ويظهر أن كلام المجرب الخبير (دريد) وحواره المركّز الذي أجراه مع ملك هوازن وقائدها قد أثر في قادة الكتائب ووجوه القبائل في جيش هوازن، فبدا عليهم الميل للأخذ بنصيحة دريد بن الصمة لإرجاع النساء والأطفال والأموال إلى أعالي الجبال. لذلك (وقد أحس مالك أن زعماء قومه يرون أن المنطق والصواب يكمنان في نصائح وتوجيهات دريد بن الصمة وأن التوفيق قد جانب مالكًا في تصرفه) لم يجد القائد الشاب الطائش أمامه سوى التهديد بالانتحار إن لم تطعه هوازن وتصرف النظر عن نصائح وتوجيهات دريد بن الصمة.

فقد استل مالك سيفه (أمام وجوه وقادة هوازن) ثم نكسه (١) ثم قال: - يا معشر هوازن، والله لتطيعننى أو لأتكئن على السيف حتى يخرج من ظهرى.

وكره مالك أن يكون لدريد فيها ذكر ورأى، فتشاور القوم وتناقشوا ودرسوا الوضع ومشى بعضهم إلى بعض. فقالوا: والله لئن عصينا مالكًا، وهو شاب، ليقتلن نفسه ونبقى مع دريد، شيخ كبير، لا قتال فيه، ابن ستين ومائة. وأجمعوا أمرهم مع مالك، وخالفت هوازن دريدًا.

فلما رأى ذلك دريد وأنهم قد خالفوه، قال: هذا يوم لم أشهده ولم أغب عنه، ثم قال:

يا ليتنى فيها جذع ... أخبُّ فيها وأضع (٢)

أقود وطفاءَ الزّمع ... كأنها شاة صدع (٣)


(١) قال في الصحاح: نكسه أي قلبه.
(٢) الخبب والوضع ضربان من السير.
(٣) الفرس الوطفاء الطويلة الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>