للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: قد رأينا الحديبية، ودخلنى من الشك ما لا يعلمه إلا الله، وراجعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بكلام ليت أنى لم أفعل (١)، وأن أهلي ومالي ذهبا، ثم كانت الخيرة لما من الله فيما صنع، فلم يكن فتح كان خيرا للناس من صلح الحديبية- بلا سيف، دخل فيه من أهل الإسلام مثل من كان دخل - من يوم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم كتب الكَتاب. فاتهموا الرأي، والخيرة فيما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولن أراجعه في شيء من ذلك الأمر أبدًا، والأمر أمر الله، وهو يوحى إلى نبيه ما يشاء.

وقال الواقدي في موضع آخر عن استجابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعناصر المعارضة من جيشه بمعاودة ثقيف للقتال، وإذعان عناصر المعارضة لقرار فك الحصار بعد أن أصابتهم جراح كثيرة من سهام الثقفيين: (حدثني كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة، قال: لما مضت خمس عشرة ليلة من حصارهم استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نوفل بن معاوية الديلى فقال: يا نوفل ما تقول أو ترى؟ فقال نوفل: يارٍ سول الله، ثعلب في جحر، إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك شيئًا. قال أبو هريرة: ولم يؤذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فتحها. قال: فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر وأذن في الناس بالرحيل. قال: فجعل الناس يضجّون من ذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاغدوا على القتال، فغدوا فأصابت المسلمين جراحات. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنا قافلون إن شاء الله، فسروا بذلك وأذعنوا، وجعلوا يرحلون والنبي - صلى الله عليه وسلم - يضحك (٢).

[عيينة بن حصن يفخر بثقيف فيزجره عمرو بن العاص]

وعندما أخذ المسلمون يفكون الحصار عن الطائف ويرحلون، نادى سعد بن عبيد بن أسيد بن عمرو بن علاج الثقفى قال: ألا إن الحيّ مقيم، فقال عيينة بن حصن (معجبًا بمقاومة ثقيف) أجل والله مَجَدةٌ كرام.

فقال له عمرو بن العاص: قاتلك الله، تمدح قومًا مشركين بالامتناع من


(١) انظر تفاصيل قصة معارضة ابن الخطاب المثيرة لصلح الحديبية في كتابنا الخامس (صلح الحديبية).
(٢) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>