للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصونها جرى بين صفوف الجيش شيء من التذمر الواضح، فقد أظهرت بعض وحدات الجيش معارضة صريحة وأبدى بعض عناصر هذه الوحدات امتعاضًا واضحًا .. وقالوا: كيف ننصرف عن ثقيف وهي أضعف من جيوش هزمناها وأخضعناها .. ومشت بعض عناصر مِنْ الجيش مبدين اعتراضهم على الانسحاب .. مشت إلى أبي بكر وعمر وصارحتهما بهذه المعارضة وطلبت هذه العناصر من وزيرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعاه كى يستمر في محاصرة ثقيف حتى تستسلم وهي صاغرة.

وحاول أبو بكر وعمر إقناع عناصر المعارضة للانسحاب وفك الحصار، ولكن هذه العناصر أصرَّت على أن يستمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في محاربة ثقيف.

ولم يغضب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهذه المعارضة بل استمع إليها، وأمر بمعاودة الهجوم على ثقيف (بعد إصداره الأمر بالانسحاب) ونشب القتال من جديد بين الجيش الإِسلامي وبين ثقيف وكانت ثقيف (كما هو معلوم) معتصمين بقلاعهم والمسلمون مكشوفين. فرمتهم ثقيف بالنبال من على الأسوار. فأصابت عناصر من الجيش الإسلامى جراحات كثيرة دون أن يستطيعوا إحراز أي تقدم لاقتحام الطائف. وعندها اقتنع المعارضون بأن الصواب فيما قرره الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأمر بفك الحصار عن حصون الطائف.

قال الواقدي متحدثًا عن قرار الانسحاب وظهور المعارضة في الجيش، ثم رجوع المعارضة وقبولها بقرار الانسحاب وفك الحصار: دخل عمر بن الخطاب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أو لم يؤْذن لك فيهم (أي ثقيف) قال: (لا)، قال: أفلا أؤذّن في الناس بالرحيل، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بلى.

فأذّن عمر بالرحيل فجعل المسلمون يتكلمون، يمشى بعضهم إلى بعض، فقالوا: ننصرف ولا نفتح الطائف، لا نبرح حتى يفتح الله علينا، والله إنهم لأذل وأقل من لاقينا جمع مكة وجمع هوازن، ففرَّق الله تلك الجموع، وإنما هؤلاء ثعلب في جحر، لو حصرناهم لماتوا في حصنهم هذا.

وكثر القول بينهم والاختلاف فمشوا إلى أبي بكر فتكلموا فقال أبو بكر (رضي الله عنه): الله ورسوله أعلم، والأمر ينزل عليه من السماء، فكلموا عمر فأبى

<<  <  ج: ص:  >  >>