فطمأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - القائد خالدا بأنه (رغم القوة الصغيرة التي سيقودها) سيظفر بالملك أكيدر، حيث سيأتي به أسيرًا، فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لخالد: ستجده يصيد البقر فتأخذه (١).
لقد قيم خالد الوضع من وجهة النظر العسكرية المجردة، فبرز أمامه سؤال كبشر عادى بالنسبة للرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم -، وهو هل في إمكان أربعمائة وعشرين فارسا أن يتغلبوا على عدة آلاف يعتصمون بالقلاع والأسوار؟ ولم يكن خالد - من وجهة النظر العسكرية المجردة - مخطئا في تساؤله، ولكنه كمؤمن عميق الإيمان اطمأن إلى أنه سينتصر على جيوش مملكة كندة في دومة، رغم التفوق العددى الذي تمتاز به هذه الجيوش على كتيبة خالد، لأنه واثق من صدق ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أنه سيقبض جملى ملك دومة الجندل ويأتى به أسيرًا.
[خالد يتحرك من تبوك]
وبعد أن كملت تجهيزات كتيبة الفرسان التي تقرر أن يقودها خالد إلى دومة الجندل، تحرك بها لإِنهاء المهمة الموكلة إليه، وما زال خالد يتحرك على تعبئة حتى وصل إلى مكان قريب من قلعة دومة الجندل التي يتحصن بها الملك أكيدر في جمع كثيف من جنده.
قال الواقدي: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد مني تبوك في أربعمائة وعشرين فارسًا إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل - وكان أكيدر من كندة قد ملكهم وكان نصرانيا - فقال خالد: يا رسول الله كيف لي به وسط بلاد كلب، وإنما أنا في نفر يسير؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ستجده يصيد البقر فتأخذه. قال: فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين التى ليلة مقمرة صائفة، وهو على سطح له ومعه امرأته الرباب بنت تنيف بن عامر من كندة، وصعد على ظهر الحصن من الحر وقينته تغنيه، ثم دعا بشراب فشرب، فأقبلت البقر (الوحشية) تحك