للمسلمين .. إلا أنهم (مع كرههم لهذا الصلح) لم يسعهم إلا السكوت والتسليم. لأنه ليس في إمكانهم عصيان النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - والخروج على إرادته. لأنه إنما يصدر في كل تصرفاته عن أمر ربه.
[كيف حقن الصلح الدماء عن أن تراق]
والواقع أن ارتضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعود بأصحابه إلى المدينة على أن يقوموا بأداء العمرة في العام القادم. وذلك كحل وسط حسم النزاع .. الواقع أن قبول النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحل قد كان سببًا في حقن دماء كثيرة كان من الممكن أن تراق من الفريقين بغزارة في الحرم، لو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استجاب لعواطف أصحابه التي كانت يومها في أعلى درجات الفوران .. فاقتحم الحرم بقوة السلاح لأداء مناسك العمرة .. هي رغبة أكثرية أصحابه الذين يفضلون اقتحام مكة بحد السيف لمباشرة حقهم في الطواف والسعى على أن يعودوا إلى المدينة دون أن يؤدوا عمرتهم.
[قانون عام غير مكتوب]
لقد كان القيام بالعمرة (الطواف بالبيت والسعى بين الصفا والمروة) حق لأى إنسان كائن من كان. له أن يباشره حتى ولو كان في حالة حرب مع سكان الحرم أنفسهم.
هذا قانون غير مكتوب أجمع الالتزام به كل سكان الجزيرة العربية عبر آلاف السنين.
غير أن قريشًا ركب العناد رأسها. فركض الشيطان بها في دروب العناد والمكابرة. فخرقت هذا القانون العام. حين أصرت على منع المسلمين (بحد السلاح) ذلك العام من دخول الحرم لأداء العمرة بغيًا وعدوانًا وبطرًا ورياء الناس.
وكان من حق المسلمين أن يدخلوا مكة ويقاتلوا من يعترض سبيلهم. وكان ذلك هو رأى الأغلبية من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. ردًّا على عناد قريش وتصلفها.
ولكن النبي الأعظم (وهو الذي جاء لإِرساء قواعد السلم في الأرض)،