لأنه مهما يقال من مناعة خط الدفاع الأول (الخندق) ومهما يمتاز به المسلمون من شجاعة وثبات وإقدام فإن وجود تسعمائة مقاتل من هوْلاء المسلمين أمام عشرة آلاف مقاتل كلهم غيظ وحقد على المسلمين، يتحفزون لابتلاعهم، كما يتحفز البحر الهادر المحيط بالجزيرة الصغيرة جدًّا لابتلاعها -هو أمر من الخطورة بحيث يجعل مركز قوة المسلمين الصغيرة من الحراجة بمكان يقض مضاجع القيادة المسئولة عن هذه القوة ويجعلها في مركز حرج للغاية.
غير أن انضمام يهود بنى قريظة إلى معسكر الأحزاب قد عقد الوضع داخل المعسكر الإسلامى وجعل الحالة فيه تسير من سيء إلى أسوأ.
بلغت الحالة أعلى درجات الحراجة والتأزم، فأصبح مصير الكيان الإسلامى كله في مهب العاصفة.
[بلوغ القلوب الحناجر]
ولقد تحدث القرآن الكريم عن حالة الحرج والتدهور هذه ووصف ما وصل إليه المسلمون من جزع وخوف وفزع في تلك المحنة الرهيبة أصدق وصف، حيث قال الله تعالى في سورة الأحزاب: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} (١).