الخروج. إذا خرج صاحوا به وبأصحابه "يا فرار. أفررتم في سبيل الله" حتى قعد في البيت. فذكرت ذلك أم سلمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بل هم الكرار في سبيل الله فليخرج! فخرج. .
وقد كانت هذه المظاهرات التي قام بها أهل المدينة احتجاجا (على ما ظنوه فرارًا وهربا قام به جيش الرسول - صلى الله عليه وسلم - المبعوث إلى الشام) -أول مظاهرة يقوم بها المسلمون في تاريخ الإِسلام. ومن الجدير بالذكر أن الرسول والقائد الأعلى للجيش لم يحاول التعرض للمتظاهرين ولم يأمر بتفريقهم بالقوة عندما تجمهروا بالجرف خارج المدينة يحثون التراب في وجوه الجيش ويهتفون ضده هتافات معادية، بل كل ما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنَّه كان يرد على المتظاهرين مزاعمهم وينفى عن جيشه تهمة الفرار والجبن. أما المتظاهرون فقد تركهم - صلى الله عليه وسلم - يعبرون عن مشاعرهم بكامل الحرية. حتى انجلت لهم الحقيقة على مدى الأيام. واتضح لهم أن جيش الإِسلام في مؤتة (وخاصة بعد تسلم خالد قيادته) قام ببطولات لا يمكن لأى جيش هو في حجم صغره. أن يقوم بها.
[أثر مقتل جعفر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]
كان جعفر بن أبي طالب ابن عم الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وكان شابا ذا أخلاق رفيعة. وأريحية متناهية وصاحب كرم ونفس عالية. وكان من السابقين الأولين في الإِسلام. . وهو الذي أسلم على يده النجاشي أصحمة إمبراطور الحبشة. . وكانت له هناك مواقف محمودة. بها نافح عن الإِسلام. . وشرح وأجلى وجهة نظره السليمة لملك الحبشة وأركان دولته. مما كان له أكبر الأثر في حماية المهاجرين المسلمين اللاجئين إلى إمبراطور الحبشة من اضطهاد مشركى مكة الذين لحقوا بالمسلمين وحاول وفد ظالم منهم التأثير على إمبراطور الحبشة كى يسلمهم إليهم ليعودوا بهم إلى مكة ليضطهدوهم ويفتنوهم عن دينهم.
ولكن جعفرًا -وكان رئيس اللاجئين المهاجرين عند ملك الحبشة أصحمة- وقف بما أعطاه الله من رجاحة عقل واتقاد ذهن واستنارة