مؤتة. قد وصلت النبي - صلى الله عليه وسلم - في تقارير صحيحة كما هي (١) ولهذا انبرى - صلى الله عليه وسلم - يرد على المتظاهرين في المدينة مدافعًا عن جيشه الباسل وقائده البطل خالد بن الوليد. الذي بدهائه العسكري (كما تقدم) أنزل (في هجوم صاعق) بالرومان في مؤتة. أفدح الخسائر ثمَّ انسحب بالجيش انسحابا منظما نال عليه الإِعجاب والتقدير من الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بل ولا يزال حتى هذه اللحظة محل إعجاب القادة العسكريين في العالم الذين يعرفون تفاصيل خدعة خالد الحربية التي بها نفذ خطة الانسحاب وأنقذ الجيش من فناء محقق.
ومع أن الحقيقة خلاف ما أشيع عن جيش الإِسلام في مؤتة فقد ظل أهل المدينة حانقين على الجيش يؤنبون كل من لا قوه من أفراده حتى المرأة كانت لا تفتح الباب لزوجها منهم وتذكره بأنّه من الذين فروا وفضلوا الحياة على الاستشهاد في سبيل الله.
فقد روى عن أبي بكر بن عبد الله بن عتبة أنَّه كان يقول ما لقى جيش بعثوا معنا ما لقى أصحاب مؤتة من أهل المدينة لقيهم أهل المدينة بالشر حتى أن الرجل لينصرف إلى بيته وأهله. فيدق عليهم الباب فيأبون أن يفتحوا له. يقولون: ألا تقدّمت مع أصحابك.
أما كبار القادة من وجوه أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذين حضروا مؤتة فكانوا يلازمون بيوتهم خوفا من أن يسمعوا ما يكرهون مما يعيرهم به أهل المدينة. الذين أصروا على أن جيش مؤتة قد فر وهرب. . حتى اضطر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يبعث إليهم رجلًا رجلًا. ويقول: أنتم الكرّار في سبيل الله.
وروى عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: كان في ذلك البعث (يعني جند مؤتة) سلمة بن هشام بن المغيرة. فدخلت امرأته على أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت أم سلمة: ما لى لا أرى سلمة بن هشام؟ أاشتكى شيئًا؟ قالت امرأته: لا والله. ولكنه لا يستطيع
(١) قدم هذه التقارير الصحيحة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد رجال استخباراته وهو رجل يقال له "أبو عامر" انظر طبقات ابن سعد الكبرى ج ٢ ص ١٢٩.