قلنا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقب عودته من حصار الطائف انتظر حوالي شهر في الجعرانة، لم يقسم السبايا من هوازن على الجيش الإِسلامي، على أمل أن يتقدم وجوه هوازن وزعماؤها بطلب يلتمسون فيه تحرير نسائهم وأطفالهم، ولكن هوازن توانت في التقدم بمثل هذا الطلب إلى الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - وألح عامة الجيش الإِسلامي المنتصر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طالبين منه تقسيم الغنائم بما في ذلك السبى فقسم الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الجند لأن ذلك حق من حقوقهم كما تقضى بذلك قوانين الحرب في الإِسلام. فنساء العدو المحارب وأبناؤه. وأمواله يكونون ملكًا للجيش المنتصر، ومن السبى يتكوّن الرقيق.
وقد ذكرنا في كتابنا الرابع (غزوة بني قريظة) بالتفصيل موقف الإسلام من الرق، وأن هذا الدين قد جاء لتحرير البشرية فردم جميع منابع الرق المتعارف عليها في العالم آن ذاك، ولم يبق إلا على الرق الحربى كعملية عسكرية مقابلة. ومع ذلك فقد رغب الإِسلام ترغيبًا كبيرًا في تحرير هذا النوع من الرقيق الذي أقره (١)، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحرص دائمًا على تحرير الرقيق بدليل أنه (كما سيأتي في هذا البحث) حرر ستة آلاف من سبى هوازن بعد أن شفع لأهاليهم عند جند الجيش الإسلامي.
[وفد هوازن بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -]
وكا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتوقع، فقد بعثت هوازن بوفد من كبار زعمائها لمقابلة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليقدم التماسا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يطلب فيه المنّ على السبى وتحريرهم.
ولكن وفد هوازن جاء بعد أن جرت قسمة السبى بين عامة الجيش، فكانت إعادتهم إلى أهاليهم وتحريرهم فيها شيء من الصعوبة والتعقيد. ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تغلب على هذه الصعوبة واتخذ الإجراءات الكفيلة بإعادة السبى إلى ذويه من هوازن.
(١) انظر البحث الواسع المفصل في مواقف الإِسلام من الرق وتنفيذ شبه أعداء الإِسلام التي يثيرونها بسبب موقفه من الرق الحربى .. انظر ذلك في كتابنا (غزوة في قريظة) في الفصل بعنوان (الإِسلام والرق).