للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بعض الذين سبوها من المسلمين قد عنّفوا عليها في السياق. فكانت تقول لهم: إني والله أخت صاحبكم، ولا يصدقونها، وكان الذين أخذوها طائفة من الأنصار وكانوا أشد الناس على هوازن، فلما أتوا بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قالت: إني أختك من الرضاعة. قال: وعلامة ذلك؟ قالت: عضة عضضتنيها في ظهرى وأنا حاملتك على وركى بوادى السر ونحن يومئذ برعائهم، أبوك أبي وأمك أمى، قد نازعتك الثدى، وتذكر يا رسول الله.

فعرف رسول الله العلامة فوثب قائمًا، ثم بسط لها رداءه وقال لها: اجلسى عليه، ورحب بها ودمعت عيناه وسألها عن أمه وأبيه من الرضاعة فأخبرته موتهما في الزمان، فخيّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أن تقيم عنده وبين أن تعود إلى قومها قائلًا: إن أحببتِ فأقيمى عندنا محبَّبة مكرمة، وإن أحببت أن ترجعى إلى قومك وَصلتَك رَجعت إلى قومك. قالت: أرجع إلى قومى، ثم أسلمت فأكرمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاها نعمًا وشاء، ومما أعطاها عبد وجارية زوّجت أحدهما الآخر.

وجاء في بعض المصادر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما بسط رداءه لأخته الشيماء قال لها: سلى تعطى. واشفعى تشفعى.

وقالوا: إن الشيماء شفعت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رجل من قومها بني سعد اسمه بجاد. هذا الرجل قد استحق عقوبة الإِعدام، لأنه قتل رجل من المسلمين ومثل به، حيث حرّقه بالنار بعد أن قتله. فأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - خيله بطلبه، وقال: إن قدرتم على بجاد فلا يفلتن منكم.

قال الواقدي: وكان بجاد من بني سعد وكان قد أتاه رجل من المسلمين فأخذه بجاد فقطّعه عضوًا عضوًا، ثم حرقه بالنار، فكان قد هرب، فأخذته الخيل فضمّوه إلى الشيماء بنت الحارث، وقال عبد الصمد: لما رجعت الشيماء إلى منزلها بالجعرانة بعد أن عرفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكرمها كلمها النسوة من هوازن في بجاد، فرجعت إلى أخيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطلبت منه أن يهب لها بجادًا ويعفو عنه ففعل (١).


(١) مغازي الواقدي ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>