ألم يبلغك ما قالت قريش ... وحيّ بني كنانة إذ أثيروا
دهمناهم بأرعنَ مُكْفَرٍّ ... فظل لنا بعقوتهم زئير
نقوِّم مارنَ الخطِّي فيهم ... يجئ على أسنتنا الزئير
وانسحبت كنانة وقريش بعد أن نزلت بهم الهزيمة.
[المعركة الرابعة من الفجار الرابع]
وقد تأثرت قريش بالهزيمة في العبلاء فاستعدت للمعركة القادمة أضخم استعداد، حتى أن عبد الله بن جدعان وحده جهز ألف مقاتل من كنانة على ألف بعير من ماله الخاص، وخشيت قريش أن تغلبها هوازن كما في يوم العبلاء. فوطن رجالها أنفسهم على الموت، وعلى مدار الحول التقى الفريقان من جديد بعكاظ في الشهر الحرام، ؤلبتت قريش ذلك اليوم ثباتًا عطمًا حتى إن إخوة ثلاثة وهم حرب وسفيان وأبو سفين أبناء أمية بن عبد شمس قيدوا أنفسهم وقالوا لا نبرح حتى نموت مكاننا.
ودارت المعركة رهيبة صارية وصبر الفريقان صبرًا عطمًا وأوجع القتل بني كنانة فهموا بالانهزام، ولكن قريشًا حافظت أشد الحفاظ على مواقعها فخجل بنو كنانة (بعد أن قرروا الهرب) وصبروا، فاستعرَّت المعركة بضراوة من جديد، وحملت قريش وكنانة حملة شديدة على هوازن، فشرعت بعض عشائر هوازن في الهزيمة وانهزمت كلها إلا بني نصر فصبروا وعقل قائدهم سبيع بن أبي ربيعة نفسه كى تخجل هوازن، ونادى يا آل هوازن وكررها، ولكن الهزيمة كانت أكبر من أن يسمع فيها أحد صوت سبيع.
[امرأة من قريش تجير هوازن]
وركبت قريش وكنانة هوازن تقتل فيهم وتأسر، وكان مسعود بن معتَّب الثقفى، والد عروة بن مسعود قد ضرب على امرأته القرشية، سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف خباء في عكاظ. وقال لها: من دخله من قومك قريش هو آمن. فأخذت توسَّع في خبائها ليتسع لأكبر عدد ممكن من الناس، فقال لها زوجها مسحود: لا يتجاوزنى خباؤك، فإني لا أضمن حياة إلا من