من تصرفات الصليبيين الذين أعماهم الحقد والتعصب؟ فلم يكتفوا بمصادرة حرية المسلمين في ممارسة شعائر دينهم، بل لجأوا إلى تخييرهم بين أمرين: إما قتلهم وتحريقهم بالنار، وإما مفارقة دين الإِسلام واعتناق النصرانية، كما حدث من الملك فيرديناند والملكة إيزابلا في الأندلس (إسبانيا) عندما كتبت لهم الغلبة على المسلمين هناك، فأقاموا لهم محاكم التفتيش الوحشية التي نفذت حكم الإعدام (ضربًا بالسيف وحرقًا بالنار) في مئات الآلاف من المسلمين ولم تتوقف هذه المجازر الرهيبة إلا بعد أن أخطر جميع المسلمين على اعتناق النصرانية حفاظًا على أرواحهم .. وكما حدث من ملك الصليبيين (قلب الأسد) عندما ذبح ثلاثة آلاف مسلم من أسرى المسلمين بالرغم من إعطائهم الأمان عند استيلائه على مدينة القدس، التي استعادها منه صلاح الدين بقوة السلاح، والذي لم يقتل أسيرًا مسيحيًا واحدًا، بالرغم من تلك المجزرة التي ارتكبها الصليبيون على يد قلب الأسد الإِنكليزى .. الذي بلغ التسامح الإِسلامي بصلاح الدين إلى أن يعوده وهو في مرضه، ويأمر طبيبه بمعالجته حتى شفى من مرضه كما تشهد بذلك مصادر التاريخ الغربي في أوروبا قبل الشرق في بلاد الإِسلام.
[كيف سمح النبي لليهود بالبقاء في خيبر؟]
وهكذا (وباستسلام حصون الشطر الثاني من مدينة خيبر) وضعت الحرب أوزارها في هذه المنطقة الحيوية الهامة من جزيرة العرب .. وبسقوط خيبر في أيدى المسلمين انهار أقوى وآخر معقل للوجود اليهودى الدخيل في جزيرة العرب.
وقد جاء في نص اتفاقية تسليم الشطر الثاني من خيبر على أن يقوم اليهود بالجلاء عن خيبر إلى الشام ويتعهد السلمون بحقن دمائهم وإعفاء نسائهم وذراريهم من السبى والاسترقاق شريطة أن لا يكتموا أو يغيبوا شيئًا من الأموال التي هي (بموجب قوانين الحرب في ذلك العصر) ملك من أملاك المسلمين المنتصرين، وأنهم (أي اليهود) إن فعلوا ذلك برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله وحلَّت دماؤهم وحق المسلمين سبى نسائهم وذراريهم (انظر تفاصيل الاتفاقية فيما مضى من هذا الكتاب) قد نقض اليهود العهد