للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النهي عن لحم الحمر الأهلية]

وقد بلغ الجوع ببعض وحدات جيش الإِسلام بعد أن نفدت مواده الغذائية نتيجة طول الحصار، بلغ الجوع ببعض هذه الوحدات إلى أن يذبحوا الحمير ليأكلوها .. فقد قال رهم الغفار: أصابنا جوع شديد، ونزلنا خيبر زمان البلح، وهي أرض وخيمة حارة شديد حرّها، فبينا نحن محاصرون (حصن الصعب بن معاذ) فخرج عشرون حمارًا أو ثلاثون، فلم يقدر اليهود على إدخالها، وكان حصنهم مَنعة، فأخذها المسلمون فانتحروها وأوقدوا النيران وطبخوا لحومها في القدور، والمسلمون جياع، ومرّ بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم على تلك الحال، فسأل فأخبر فأمر مناديًا ينادى: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهاكم عن الحُمُر الإِنسية -قال: فكفّوا القدور- وعن متعة النساء وعن أكل ذي ناب ومخلب.

أما لحوم الخيل فقد أذن فيها (١).

وكانوا أبو اليَسَر (٢) يحدث أنهم حاصروا حصن الصعب بن معاذ ثلاثة أيام، وكان حصنًا منيعًا، وأقبلت غنمًا لرجل من اليهود ترتع وراء حصنهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من يطعمنا من هذه الغنم؟ فقلت: أنا يا رسول الله، فخرجت أسعى مثل الظبى، فلما نظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موليًا قال: اللهم متعنا به! قال: فأدركت الغنم، وقد دخل أولها الحصن فأخذت شاتين من آخرها فاحتضنتها تحت يدي، ثم أقبلت أعدو كأن ليس معى شيء، حتى أتيت بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بهما فذبُحتا، ثم قسمهما فما بقى أحد من أهل المعسكر الذين هم معه محاصرين الحصن إلا أكل منها، فقيل لأبي اليسر: وكم كانوا؟ قال: كانوا عددًا كثيرًا فيقال:


(١) وقد أباح ابن عباس أكل لحم الحمر الأهلية، انظر البداية والنهاية ج ٢ ص ١٩٢ ومغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٦٠ وصحيح البخاري ج ٥ ص ٢٨١ وما بعدها.
(٢) أبو اليسر (بفتحتين) احمه كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد الأنصاري. شهد العقبة وبدرًا وله في بدر بطولات كبيرة، هو الذي أمر العباس بن عبد المطلب (عم النبي - صلى الله عليه وسلم -) يوم بدر، مات بالمدينة سنة خمس وخمسين، قال ابن إسحاق: وكان آخر من مات من الصحابة، قال ابن حجر في الإصابة: كأنه يعني أهل بدر، روى عنه عبادة بن الوليد بن عبادة الصامت، وحديثه مطول وأخرجه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>