للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عضوا الوفد القرشي يجيران أبا جندل]

غير أن العضوين في وفد قريش وهما (حويطب بن عبد العزّى، ومكرز بن حفص) لما رأَيا إلحاح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على سهيل بن عمرو في أن يترك ابنه ويعفيه خوفًا عليه من التعذيب ورأيا سهيلًا يرفض شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - استحيا، فأبلغا النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن أبا جندل سيكون في حمايتهما من شرّ أَبيه، فقالا: يا محمد نحن نجيره لك، وفعلًا أبلغا سهيل بن عمرو بأن ابنه أصبح في جوارهما، ثم أدخلاه فسطاطًا، فكف أبوه عن إيذائه (١) وكان هذا أول فرج ينال أبا جندل مصداقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - له: "فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجًا ومخرجًا".

وقد روى الإمام الواقدي قصة أبي جندل المؤثرة هذه فقال: "فبينما الناس على ذلك قد أصطلحوا، والكتاب لم يُكتب، أقبل أبو جندل بن سهيل، قد أفلت يرسف في القيد متوشحًا السيف، خلا له أسفل مكة، فخرج من أسفلها، حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يكاتب سهيلًا، فرفع سهيل رأسه، فإذا بابنه أبي جندل، فقام إليه سهيل فضرب وجهه بغصن شوك، وأخذ بلبتّه وصاح أبو جندل بأعلى صوته يا معشر المسلمين، أردّ إلى المشركين يفتنونني في ديني؟ فزاد المسلمين ذلك شرًّا إلى ما بهم، وجعلوا يبكون لكلام أبي جندل. فقال حويطب بن عبد العزّى لمكرز بن حفص: ما رأيت قومًا قطّ أشد حبًّا لمن دخل معهم من أصحاب محمد لمحمد وبعضهم لبعض أما إني أقول لك لا تأْخذ من محمد نصفًا أبدًا بعد هذا اليوم حتى يدخلها عَنْوة! فقال مكرز: أنا أرى ذلك: قال الواقدي: وقال سهيل النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا


(١) انظر مغازي الواقدي ج ٢ ص ٦٠٨ والسيرة الحلبيةج ٢ ص ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>