للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اللحظة الحرجة في تاريخ الإنسانية]

فهناك (وعلى مقربة من الغار) سأل كفار مكة أحد الرعاة فيما إذا كان رأى محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه، فكان جوابه إنه لم ير أَحدًا، ولكنه من المحتمل أَن يكونا في هذا الغار وأشار إلى غار ثور.

وهنا توقفت نبضات التاريخ، ووقفت الإنسانية المعذبة على مفترق الطرق، فإما إلى الارتكاس في حمأْة البغي والظلم والفساد من جديد، وإما إلى التخلص من ذلك وفتح صفحة جديدة مشرقة على يد الرجل الذي يكمن في الغار وجاءت قريش تطلب رأْسه.

[إن الله معنا]

ففي تلك اللحظات التي تقرر فيها مصير العالم بأجمعه، تسلق بعض المطاردين القرشيين الصخور ناحية الغار على أَثر سماع ما قاله الراعي، ليقوموا بتفتيش هذا الغار بحثًا عن النبي وصاحبه، وكان أبو بكر الصديق (الذي قد سمع حديث الراعي وشعر باقتراب فتيان قريش من الغار) يتصبب عرقًا من الخوف، واقترب من الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - ليقول له هامسًا (في خوف وفزع): "لو نظر أحدهم إلى تحت قدميه لأبصرنا. ولكن الرسول الأعظم أجاب الصديق في طمأْنينة النبي الواثق من صدق وعد ربه قائلًا: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ ؟

وقد كانت معجزة أكرم الله بها نبيه .. فقد رجع القرشيون الذين تسلقوا الصخور دون أن يدخلوا الغار، بعد أن وقفوا على بابه، ولم يبق بينهم وبين الوصول إلى النبي إلا عدة خطوات قليلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>