هكذا قالت قريظة الغدر والخيانة عندما أحاطت بها خطيئتها وحاق بها مكرها السئ، فوجدت حصونها الشامخة غارقة في بحر متلاطم من جند الإسلام الحانقين الذين بلغت في نفوسهم مشاعر الغيظ حد الغليان على هؤلاء اليهود الذين ما كانوا ليترددوا لحظة في سحق المسلمين سحقًا كاملًا لو تمكنوا من ذلك، فقد كان هذا غاية مرادهم عندما نقضوا الحلف وخانوا العهد، ولكن الله غالب على أمره، فقد أبى الله سبحانه وتعالى إلا أن ينصر عبده ويعز جنده ويهزم الأحزاب وحده.
فهاهم اليهود من قريظة الخائنة يتعثرون في دروب الحسرة والندامة، ويسيرون نحو المصير المرعب الذي أرادوه للمسلمين وسعوا جهدهم للدفع بهم إليه ... ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله.
[محاولة عقلاء اليهود إنقاذ الموقف]
ذكرنا في كتابنا -غزوة الأحزاب- أن أربعة من عقلاء اليهود حذروا قومهم من مغبة نقض العهد الذي بينهم وبين المسلمين وطلبوا منهم عدم الاستجابة لوساوس شيطان بني النضير: حييّ بن أخطب الذي حمل بني قريظة على نقض العهد وخيانة الميثاق.
وذكرنا أن هؤلاء العقلاء الأربعة (وعلى رأسهم عمرو بن سعدي أخو بني قريظة أنفسهم) قد أبوا الاشتراك في جريمة خيانة المسلمين والغدر بهم، وأعلنوا للملإ أنهم باقون على عهدهم، وذكرنا أن ثلاثة منهم قد أسلموا، وأن الرابع (هو عمرو بن سعدى، سيد من