العاص بن هشام، كما فقد خالد بن الوليد أَخاه الوليد بن الوليد.
[أتبكى أن يضل لها بعير؟]
وكان أشد الناس مصابًا في هذه المعركة، الأَسود بن المطلب، فَقَدَ في هذه المعركة ثلاثة من أَبنائه دفعة واحدة.
حيث قتل فيها ابنه زمعة (١)، وعقيل، والحارث، وكان الأَسود هذا شيخًا طاعنًا في السن وشريفًا في قومه.
وكان الحزن يحرق جوفه كلما تذكر مصرع أبنائه الثلاثة، وكان يود لو يسمح له زعماءُ مكة بإعلان البكاء على أولاده لتخفف عليه وطأة الحزن، فقد كان لا يذوق للنوم طعمًا حزنًا على أبنائه. وبينما هو على هذا الحال إذ سمع نائحة في الليل، فطمع أن يكون قد سمح بالنحيب ليبكي وينوح على أبنائه، وكان الأسود هذا قد ذهب بصره، فاستدعى غلامًا له، وقال له: انظر هل أَحل النحيب؟ - يعني هل رفع حظر البكاء على قتلى بدر؟ ؟ هل بكت قريش على قتلاها؟ لعلي أبكي على أبي حكيمة - يعني ابنه زمعة - وكان من أحب أبنائه إليه - فإن جوفي قد احترق.
فذهب الغلام يستطلع الخبر، ثم عاد ليخبر سيده بأن الحظر لا يزال قائمًا، وأن التي تنوح إنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته، فهاجت أحزان الشيخ المفؤود وسالت دموعه، فقال بعد أن أدرك بذكائه أن صاحبة الجمل الضائع لم يكن بكاؤها - في الحقيقة على
(١) زمعة بن الأسود بن المطلب هذا كان أحد النبلاء الخمسة الذين سعوا لإلغاء الحصار الاقتصادي الذي فرضته قريش على النبي وبني هاشم وبني المطلب قبل الهجرة.