للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحارب جيوش الخلافة حربًا طاحنة فهزمه خالد بن الوليد حتى فر إلى الشام، وفي وفد بني أسد أنزل الله تعالى قوله: {يَمُنُّونَ عَلَيكَ أَنْ أَسْلَمُوا} الآية، لأنهم قالوا للرسول - صلى الله عليه وسلم -: أتيناك نتدرع الليل البهيم، في سنة شهباء، ولم تبعث إلينا بعثًا.

- ٣ -

[وفد تميم]

كذلك وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد تميم من نجد، وكانوا تسعين رجلًا، بينهم عدة من ساداتهم، فيهم عطارد بن حاجب (١)، والزبرقان بن بدر (٢)، وقيس بن عاصم (٣)، والأقرع بن حابس.


(١) هو عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس من في دارم. كان سيدًا في قومه، أغوته صجاح المتنبية فتبعها، ثم تاب وحسن إسلامه.
(٢) هو الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس التميمي، وإنما قيل له: الزبرقان لحسنه وجماله، والزبرقان القمر، ولاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - صدقات قومه. وقد ثبت على الإسلام عندما ارتد بعض قومه، كان سيدًا في الجاهلية عظيم الشأن في الإِسلام، وقد نزل البصرة في عهد عمر بن الخطاب.
(٣) هو قيس بن عاصم بن سنان بن خالد المنقرى، وله قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا سَيِّد أهل الوبر، كان عاقلًا حليمًا مشهورًا بالحلم. سئل الأحنف بن قيس: ممن تعلمت الحلم؟ فقال: من قيس بن عاصم، رأيته يومًا قاعدًا بفناء داره محتبيًا بحمائل سيفه، يحدث قومه، إذ أتى برجل مكتوف وآخر مقتول، فقيل: هذا ابن أخيك قتل ابنك. قال: فوالله ما حل حبوته ولا قطع كلامه، فلما أتمه التفت إلى ابن أخيه، فقال: يا ابن أخي بئسما فعلت، أثمت بربك، وقطعت رحمك وقتلت ابن عمك، ورميت نفسك بسهمك، وقللت عددك، ثم قال لابن له آخر: قم يا بني إلى ابن عمك فحل كتافه، وسق إلى أمك مائة من الإبل دية ابنها، فإنها غريبة، وكان قيس قد حرم على نفسه الخمر في الجاهلية، وكان سبب ذللك أنه غمز عكنة ابنته وهو سكران وسب أبويها. وقال شعرًا يذم فيه الخمر، منه:
فإن الخمر تفضح شاربها ... وتجنيهم بها الأمر العظيما
أسلم قيس وحسن إسلامه. وقال الحسن البصري: لما حضرت قيسًا الوفاة دعا بنيه، فأوصاهم قائلًا: يا بني احفظوا عنى، فلا أحد أنصح لكم منى، إذا أنا مت فسودوا كباركم ولا تسودوا صغاركم فتسفه الناس كباركم، وتهونوا عليهم، وعيلكم بإصلاح المال فإنه منبهة للكريم، ويستغنى به عن اللئيم، وإياكم ومسألة الناس فإنها آخر كسب المرء، ولا تقيموا عليّ نائحة فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النائحة. كان قيس من رواة الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روى عنه الحسن والأحنف، وابنه حكيم، مات وله من الولد اثنان وثلاثون ذكرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>