للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الإسلام فأسلم فنجى من الموت (١).

[نموذج من الانضباط العسكري الشديد]

وأثناء تحرك الجيش النبوى نحو خيبر، حدث حادث دلّ على تمسك النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - بالتزام الانضباط العسكري بين جنوده ومعاقبة المخالف لهذا الانضباط أيًا كان، فقد حدَّث أحد جنود الجيش النبوى قائلًا: فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطريق إن خيبر في ليلة مقمرة، إذ أبصر برجل يسير أمامه، عليه شيء يبرق في القمر كأنه في الشمس وعليه بيضة، فأنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك قائلًا: من هذا؟ فقيل: أبو عبس بن جبر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أدركوه، قال أبو جبر: فأدركوني فحبسوني (أي باعتبار انفراده عن بقية الجيش مخالفة للانضباط العسكري في ظروف حربية) قال أبو جبر: وأخذني ما تقدم وما تأخر، وظننت أنه قد نزل فيّ أمر من السماء، فجعلت أتذكر ما فعلت، حتى لحقنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال (منكرًا): ما لك تقدم الناس لا تسير معهم؟ فقلت يا رسول الله: ناقتى نجيبة (والنجيبة خفيفة الحركة) فلم يعاقبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأكثر من الحبس الذي ناله على يد رجال الدورية من مقدمة الجيش.

[النبي وخط الرجعة]

بالرغم من مرور عشرين عامًا على بزوغ شمس الإسلام، وبالرغم من مرور سبع سنوات على الوجود الإسلامي في منطقة يثرب وبالرغم من ازدياد نفوذ الإسلام وتكاثر أنصاره في هذه المنطقة فإن جميع القبائل العربية الواقعة شرقي وشمالى المدينة ظلت على عدائها الإسلام وخاصة القبائل النجدية القوية الحليفة لليهود والمجاورة لخيبر.

وعلى هذا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما فكَّر في الزحف على خيبر كان يعلم أنه سيمر بجيشه في أراض تقع تحت سلطان أعداء الإسلام. . وفي هذا دونما شك خطر لا يمكن أن يغيب عن بال النبي الأعظم والقائد الملهم.


(١) مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٤٠ تحقيق الدكتور مارسدن ونشر جامعة أوكسفورد بإنكلترا.

<<  <  ج: ص:  >  >>